كتاب بغية النقاد النقلة (اسم الجزء: 1)

وهو أن الدارقطني لما قصد بيان المتابعة فيما ذكره اعتقد أن من زاول هذا الطريق ممن يعرف مغزى المحدثين في ذكرهم متابعة الرواة بعضهم بعضا، واعتنائهم بذلك، وأنه المسبار لتعرف الصحيح من السقيم يفهم عنه قصده بذلك، فيصرف الضمير من ذلك إلى ما هو الأولى به.
ثم إني أقول بعد ذلك لمن يتساهل في رفع مثل هذا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتفاء فيه بوساوس الخواطر في إعادة الضمير، لو أخطرت بخاطرك قوله - عليه السلام -:
(من حدث عني بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين) (¬7).
وقوله عليه السلام: (اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم) (¬8).
وقوله عليه السلام؛ (إن كذبا علي ليس ككذب على أحد) (¬9).
وما ورد من مثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أقدمت على ذلك، ولا تورطت
¬__________
(¬7) روى من هذا الحديث عدة من الصحابة؛ منهم: سمرة بن جندب وحدثه عند مسلم، وابن ماجة: (تحفة الأشراف 4/ 80 ح: 4627).
كما رواه المغيرة بن شعبة، وحديثه عند مسلم، والترمذي، وابن ماجة: (تحفة الأشراف 8/ 11531).
(¬8) هو حدث ابن عباس؛ وتمامه: فإنه من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. هذا نص متنه عند أحمد، وأخرجه الترمذي بزيادة: (ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار، وعقب عليه بقوله: حديث حسن، لكن ابن القطان نبه على عدم الاغترار بتحسين الترمذي به، وضعفه بسفيان بن وكيع -شيخ الترمذي- الذي قال فيه أبو زرعة متهم بالكذب. قال ابن القطان: (لكن أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح). اهـ.
أما رواية أحمد ففيها عبد الأعلى الثعلبى، ضعفه أحمد وأبو زرعة، وأورده الذهبي في الضعفاء.
انظر: جامع الترمذي: كتاب تفسير القرآن باب ما جاء في الذي فسر القرآن برأيه: 5/ 199 ح: 2951 - الفتح الرباني، للساعاتي 1/ 179 ح: 70 - فيض القدير، للمناوي 1/ 132 ح: 133.
(¬9) هو حديث المغيرة بن شعبة، وتمامه: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من نيح عليه يعذب بما نيح عليه). أخرجه باللفظ المتقدم: البخاري، والبيهقي. وأخرج مسلم، والترمذي الجزء الأخير من الحديث: (من ينح) دون أوله.
- الفتح: كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت 3/ 160 ح: 1291 - شرح معاني الآثار. 4/ 295
- الفتح الرباني 7/ 124 ح: 92.

الصفحة 405