كتاب العرف الشذي شرح سنن الترمذي (اسم الجزء: 1)

~. . . . . . . . . . . . . . . ... لولا التشهد كانت لاءه نعم
وإن كانت منفردة فمقصورة كما يقال في حين التعداد: با، تا، ثا.
أقول: إن هذه الضابطة ليست بأسماء حروف التهجي بل في ذلك كلمة ثنائية تكون في آخرها ألف. واعلم أن التحويل على قسمين: أحدهما: اجتماع الطرق المتعددة من الأسفل، ويسمى الراوي المشترك مداراً ومخرجاً، وهذا التحويل كثير، ثانيهما: افتراق الطريق الواحد من الأسفل إلى طرق كثيرة، والتحويل بكلا قسميه قد يكون بطريقين وقد يكون بأزيد منهما.
(فـ) ربما تجد في كتب الصحاح وغيرها أنهم يبدؤون السند من الأول أي الأعلى بالعنعنة ثم في الأسفل بالإخبار والتحديث؛ لأن التدليس لم يكن في السلف وحدث في المتأخرين فاحتاج المحدثون إلى التصريح بالسماع، ولا يقبل حديث المدلس إلا عند التصريح بالسماع أو ما يدل عليه.
والتدليس على أنواع:
أحدها: أن يسقط الراوي اسم شيخه لغرض من الأغراض ويروي عن شيخ شيخه بعن كي لا يكون كاذباً، وثانيهما: تدليس التسوية وهو حذف الرواة الضعفاء من بين السند ورواية الحديث بطريق ثقاته بالعنعنة كتدليس وليد بن مسلم عن الأوزاعي كما سيجيء. وثالثها: أن يذكر الراوي اسم شيخه إن كانت المشهورة كنيته، أو يذكر كنيته إن كان المشهور اسمه ولا يسقط بهذا عدالته ولا ضيق في هذا، وأما القسمان الأولان فقبيحان، وقال شعبة: إن التدليس حرام والمدلس ساقط العدالة، ومن ثم قالوا: السند الذي فيه شعبة بريء عن التدليس وإن كان بالعنعنة والجمهور إلى قبح التدليس، ولكنه لا يسقط به العدالة، وإذا صرح بالسماع أو ما حاذاه يقبل الحديث، ومن عادة المحدثين ضم المتن لأقرب الطرق المتعددة، ومن عادتهم أيضاً ضم متن الحديث للسند العالي، والمصنف راعى العادة الثانية كما يدل عليه قوله: قال هناد في حديثه: إلا بطهور إلخ، فعلم أن المذكور ليس متن هناد، وأما وجه اختياره العادة الثانية على الأولى فعلى ما قيل: سئل ابن المبارك: ما يشتهي قلبه؟ قال: سند عالٍ وبيت خالٍ.
قوله: (لا تقبل صلاة بغير طهور إلخ) القبول على قسمين: أحدهما: كون الشيء متجمعاً بجميع الأركان والشرائط.
وثانيهما: وقوعه في حيز مرضاة الله، وقال ابن دقيق العيد: إن القبول مشترك في المعنيين ولا قرينة على المعنى الأول، وأما الثاني فغير معلوم بغير الله تعالى فلا نعلم ما في حديث الباب، وأقول: إن المراد هو الأول بقرينة الإجماع على عدم صحة الصلاة بدون الطهور، وعدم القبول هو الرد سواء كان لذا أو لهذا، ونسب إلى مالك بن أنس عدم الإعادة على من صلى بلا وضوء، وليست هذه النسبة

الصفحة 36