كتاب الاستيعاب في بيان الأسباب (اسم الجزء: 1)

* عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ قال في قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}: أما إنا قد سألنا عن ذلك؛ فقال: أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعةً؛ فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أيَّ شيء نشتهي؟ ونحن نسرح في الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات.
فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا! قالوا: يا ربّ! نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا؛ حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا (¬1). [صحيح]
* عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-؛ قال: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال لي: "يا جابر! ما لي أراك منكسراً؟! "، قلت: يا رسول الله! استشهد أبي، قتل يوم أحد، وترك عيالاً وديناً، قال: "أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ "، قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: "ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحاً، فقال: يا عبدي! تمن عليّ؛ أعطك، قال: يا رب! تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب -عزّ وجلّ-: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون"، قال: وأنزلت هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} (¬2). [حسن]
¬__________
= قلنا: ولا يفرح بهذه المتابعة؛ لأنَّ في السند سليمان بن عمرو أبا داود النخعي الكذاب؛ كذبه أحمد وابن معين وغيرهما؛ كما في "الميزان" (2/ 216 رقم 3495).
(¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (3/ 1502 رقم 1887) مطولًا.
قال المزي في "الأطراف" (7/ 145): "موقوف".
قلنا: وهو في حكم المرفوع؛ لأن مثله لا يقال بمجرد الرأي.
وانظر -لزاماً-: "تهذيب السنن" (3/ 374)، و"الصحيحة" (6/ 280).
(¬2) أخرجه الترمذي (5/ 230 رقم 3010)، وابن ماجه (1/ 68 رقم 190، 2/ 936 =

الصفحة 326