كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 1)

الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (¬1).
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه، يتلوى، يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت (الصفا) (¬2) أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا. فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت بطن الوادي (¬3) رفعت درعها (¬4) ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي ثم أتت (المروة) (¬5) فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، فعلت ذلك سبع مرات.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فلذلك سعى الناس بينهما".
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا فقالت: صه .. فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه -أو بجناحه- حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه (¬6)، وتقول بيدها هكذا .. وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف.
¬__________
(¬1) سورة إبراهيم: الآية 37.
(¬2) هو جبل الصفا الذي يبدأ الحاج منه السعي.
(¬3) وهو ما بين العلامات الخضر الموجودة داخل المسعى الآن.
(¬4) درع المرأة هو قميصها.
(¬5) جبل أخر.
(¬6) تجمعه.

الصفحة 14