كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 1)

فليستسق الرجل، وليؤمن القوم، ألا وفيهم الطاهر الطيب لذاته، ألا فغنمتم إذا ما شئتم وعشتم.
قالت رقيقة: فأصبحت -علم الله- مفؤودة، مذعورة، قد قف (¬1) جلدي، ووله عقلي، فاقتصصت رؤياي، فنمت في شعاب مكة، فوالحرمة والحرم، وإن بقي بها أبطحي، إلا قال: هذا شيبة ..
وتنامت عنده قريش، وانفض (¬2) إليه من كل بطن رجل، فسنوا، وطيبوا، استلموا، وطافوا، ثم ارتقوا أبا قبيس، وطفق القوم يرفون (¬3) حوله ما إن يدرك سعيهم مهله حتى قر لذروته، ما ستكفوا جنابيه، ومعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو يومئذ غلام قد يفع أو كرب- فقام عبد المطلب فقال: اللَّهم ساد الخلة (¬4) وكاشف (¬5) الكربة، أنت عالم غير معلم، مسول غير منحل (¬6)، وهذه عبداؤك، وإماؤك بعذرات حرمك -يعني أمنة حرمك- يشكون إليك سنتهم (¬7) التي أقلحت الظلف (¬8) والخف، فاسمعن اللَّهم وامطرن غيثًا مريعًا مغدقًا.
¬__________
(¬1) اقشعر.
(¬2) انفض الجمع أي تفرقوا.
(¬3) رف الطائر إذا حرك جناحيه حول الشىء يريد أن يقع عليه، والمراد أحاطوا وأحدقوا.
(¬4) يقال للميت: اللَّهم اسدد خلته أي الثلمة التى ترك والفراغ الذي خلف.
(¬5) مزيل.
(¬6) أي أنك تعطي ولا يعطيك أحد.
(¬7) السنة، الجفاف والقحط وقد جاء في الحديث الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - تعريف دقيق وجدير بالانتباه للسنة حيث يقول عليه الصلاة والسلام: "ليست السنة بأن لا تمطروا، ولكن السنة أن تمطروا ... وتمطروا ... ولا تنبت الأرض شيئًا" رواه مسلم وأحمدُ.
(¬8) الظلف: الظفر المشقوق للبقرة والشاة والظبي وغيرها.

الصفحة 38