كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 1-2)

قال: {لا تخزني} (الشعراء: 87) والحبيب قيل له: {يوم لا يخزي الله النبيّ} (التحريم: 8) وغير ذلك إنما يقتضي تفضيل ذات محمد صلى الله عليه وآله وسلم على ذات إبراهيم عليه السلام مع قطع النظر عن وصفي المحبة والخلة، وهذا لا نزاع فيه، وإنما النزاع في الأفضلية المستندة إلى أحد الوصفين، والذي قامت عليه الأدلة أن استنادها إلى وصف الخلة الموجودة في كل من الخليلين أفضل، فخلة كل منهما أفضل من محبته، واختصا بها لتوفر معناها السابق فيهما أكثر من بقية الأنبياء ولكون هذا التوفر في نبينا أكثر منه في إبراهيم كانت خلته أرفع من خلة إبراهيم صلى الله عليهما وسلم اهـ.
(الهادي) أي: الدالّ (إلى صراط) قال الراغب: الصراط الطريق المستقيم اهـ، فيكون قوله: (مستقيم) إما إطناباً أو جرّد لفظ الصراط وأريد منه مطلق الطريق، وفيه اقتباس من قوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (الشوى: 52) وليس شرط الاقتباس إيراد اللفظ القرآني من غير تغيير، بل يحصل وإن وجد التغيير. نقله الحافظ السيوطي في أوائل حاشيته على «تفسير البيضاوي» . وقوله: (والداعي إلى دين قويم) هي الشريعة الحنيفية السمحة التي جاء بها إلى أمته أشرف الأمم إطناب لأن ما قبله بمعناه، أو من عطف العام على الخاص، لأن الهداية الدلالة بلطف والدعوة تشمل ذلك وغيره (صلوات الله وسلامه عليه) الصلاة منه تعالى رحمة مقرونة بتعظيم ولفظها مختص بالمعصوم من نبي وملك تعظيماً لهم وتمييزاً لمراتبهم عن غيرهم، والسلام هو تسليمه إياه من كل آفة ونقص والجملة خبرية لفظاً إنشائية معنى، وأتى بالصلاة بعد الحمد لحبر «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة عليّ فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة» وسنده ضعيف لكنه في الفضائل وهي يعمل فيها بذلك، وخبر «من صلى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتاب صلت عليه الملائكة غدوة ورواحاً ما دام اسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الكتاب» نازع ابن القيم في رفعه، قال: والأشبه أنه من كلام جعفر بن محمد لا مرفوع (وعلى سائر) أي: باقي من السؤر بالهمز بقية نحو الطعام (النبيين) من تعريف النبيّ وأنه أعم من الرسول (وآل كل) أي كل واحد من النبيين فحذف المضاف إليه لدلالة السياق عليه،

الصفحة 32