كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (اسم الجزء: 1-2)

ذلك اليوم فقال: «اللهم بارك في شعره وبشره» وفي سفر آخر قال له: «حفظك الله كما حفظت نبيه» أخرجه أبو داود. توفي سنة أربع وخمسين، قيل: بالمدينة وقيل بالكوفة في خلافة عليّ فصلى عليه عليّ فكبر سبعاً. وعن الشعبي أن علياً كبر عليه ستاً، قال: وكان بدرياً، روي هل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة وسبعون حديثاً، اتفقا منها على أحد عشر، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بثمانية (عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه) بفتح الهمزة وكسرها كما سبق (قام فهم) أي: خطيباً (فذكر لهم) أي: بعد حمد الله والثناء عليه (أن الجهاد في سبيل الله) أي: لإعلاء كلمة الله كما يدل عليه قوله في سبيل الله (والإيمان با) والواو لمطلق الجمع، فلا يرد ما قد يتوهم من أن محل الاعتبار بصالح العمل تقدم الإيمان عليه (أفضل الأعمال) أما بالنظر إلى المجموع فهو على إطلاقه، وكذا بالنظر إلى الأفراد بالنظر إلى الإيمان؛ وأما بالنسبة إلى الجهاد فبالنسبة إلى ذلك الوقت أو هو على تقدير من، وهذا يجري فيما ورد في الحديث أنه أفضل الأعمال، وهو من أفضلها كالصلاة أوّل الوقت ونحو ذلك.
قال القرطبي: وإنما قرن الجهاد بالإيمان هنا في الأفضلية ولم يجعله من مباني الإسلام في حديث ابن عمر لأنه لا يتمكن من إقامة تلك المباني على تمامها وكمالها ولم يظهر دين الإسلام على الأديان كلها إلا بالجهاد، فكأنه أصل في إقامته والإيمان أصل في تصحيح المباني فجمع بين الأصلين في الأفضلية (فقام رجل فقال: أرأيت) بفتح التاء أي أخبرني (إن قتلت) بالبناء للمجهول (في سبيل ا) أي: لإعلاء كلمة الله واستغنى عنه لظهور «إنما الأعمال بالنيات» ولما تقدم (تكفر) مبني للمجهول والهمزة قبله مقدرة: أي أتكفر (عني خطاياي) يشمل ما يتعلق بحق الله وما يتعلق بحق العباد (فقال له رسول الله: نعم) بفتح أوليه حرف جواب (إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر) أي: على ملاقاة القرن وجراحات السيوف وطعن الرماح وغير ذلك من أتعاب الحرب (محتسب) أي: مخلص تعالى، فإذا قاتل لمعصية أو لغنيمة أو لصيت فلا يحصل له ما ذكر في الخبر من الثواب ولا غيره (مقبل غير مدبر) أي: على وجه الفرار، أما لو أدبر ليكرّ على العدو بعد أو ليأتي بالفئة فالظاهر حصول الثواب المذكور، ويحتمل على بعد أن ذلك مسقط للإثم لا محصل للأجر والله أعلم. وجواب إن

الصفحة 539