كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

الأدباء بسلوكها نظامَ البلاغة وظهورها فيه في المنظوم والمنثور. ذكر المرزوقي من بينها أعلاماً كالصولي، وأبي علي البصير، والعتّابي، وضم إليهم الإمام الأكبر جماعة ثانية برزت في الترسّل والنظم جميعاً، منها من ذكره الجاحظ في بيانه، وابن رشيق في عمدته، مثل محمد بن عبد الملك الزيات، والحسن بن وهب، وسعيد بن حميد، وأبي الحسين بن الخلال المهدوي، وزاد في لآلىء هذا العقد لسانَ الدين بن الخطيب.
وآثار هؤلاء جميعهم ومَن خَلفَهم من أصحاب البيان إمّا معدودةٌ من المطبوع: "وهو الشعر الذي يصدر عن الشاعر بالسجيّة والطبيعة الناشئة عن تدرّبه بسماع أشعار البلغاء، واندفاع طبيعته لمحاكاة أشعارهم حتى ليكون الشعر البليغ الصادر عنه كالطبع، فلا يَصرف فيه تعمُّق رويّة، ولا معاودة تنقيح وتثقيف".
وإما أن تكون من المصنوع "الذي دخلته الصنعة من تهذيب وتنقيح للشعر، وإبداع للمحاسن البديعية واللطائف اللفظية". وهذا يكون بالاعتماد على القواعد والنكت، وصور الأمثلة لما تلقَّوه أو لقّنوه بالتعليم، فيعتبرون تلك نماذج يُحاكونها وأمثلةً يسيرون عليها.
وإذا كانت الدعامة الأولى لكتاب ديوان الحماسة لأبي تمام هي اختيارات حبيب بن أوس الطائي نفسه الموفّقة، يلي ذلك سعة علم الإمام المرزوقي شارح الحماسة، وعمق نظره، وتقحّمه المعجب لعلوم اللغة وفنون الأدب، وإثارته عرض شرحه لمكنوناتها، ثم نباهة الإمام الأكبر البادية في تحليله لنصوص المقدمة وشرحها، واستكماله ما تدعو الحاجة إليه من حضور جملة من الحقائق والأوصاف حضوراً ذهنياً يعين على سعة النظر وجمع كل ما تتطلبه المقولة أو الجملة من أغراض ومعانٍ: أوائل وثوان.

الصفحة 651