كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

كريمة على الباحثين. تحمل على الجدال بالتي هي أحسن، تشير المقالة الثانية إلى أن صاحبها يكتفي بأن يسلك في منحاه وتحريره مسالك الدعاة، وهو مع ذلك يتعرَّض في كتابه إلى حقائق يحلّلها، ونظريات يؤسّسها، يقيم على هذه وتلك أصول نظام الاجتماع الإسلامي.
كانت البيئة التي عاش فيها الشيخ ابن عاشور، والتي يهتم بأمرها في بلده وخارج بلده هي البيئة الإسلامية التي تدنّت عن منزلتها الأولى، وسقطت عن مراتبها السابقة. وذلك بموجب تحوّلها عن الطريق التي أفادت المسلمين نهوضاً سامياً في بادىء الأمر، وصُدوفها عن أصول دينها القويم. وهو المنهج الذي فُطرت عليه، والأساس الذي يعود إليه رقيُّها، وما أنشأته من حضارة وعمران. وبالنظر في هذه العاقبة الخسرى وأسبابِها، وما نجم عنها من تأخر وضعف في المجتمعات الإسلامية، دعته روحه الإصلاحية إلى البحث عن وسائل التغيير لأحوال المسلمين حتى يعودوا كما بدؤوا في أبهى حال من كمال الارتقاء والعزّة والظهور.
وإذا كان المجتمع الذي يعنيه إنما هو المجتمع الإسلامي، المتحقق فيه الانتساب إلى المهيع المرتبط بمبادىء الإسلام وأصوله، فلا بدع بعد ذلك أن نرى شيخنا يقدم بين يدي قوانين الاجتماع الإسلامي ونظمه تحليلاً للمراد من الدين وبياناً للفطرة، فطرة هذه الملة المؤمنة، ويبحث عن روح الإسلام وحقيقته من جهة مقدار تأثيره في تأسيس المدنية الصالحة، ومقدار ما يقتبسه المؤمن بها من توجيهات يهتدي بها إلى مناهج الخير والسعادة.
وفي هذه المقدّمة التي عرض فيها إلى بيان غرضه من الدراسة وقصده من تصنيف الكتاب يقول: "ومن غرضي أن أوضح الحكمة

الصفحة 673