كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

السماحة:
أما السماحة فهي سهولة المعاملة فيما اعتاد الناس فيه المشادّة (¬1). ويصور الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا المعنى في قوله: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى" (¬2). وقد اعتبروا السماحة أكمل وصف لاطمئنان النفس، وأعونَ على قبول الهدي والإرشاد (¬3). وجعلوها من أكبر صفات الإسلام لوقوعها طرفاً بين الإفراط والتفريط. ونَعَتوها بالتيسير المعتدل الذي شهد له قوله سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (¬4). وهو ما يلفت الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - النظرَ إليه بقوله: "أحبّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة" (¬5). ويؤكّد هذا المعنى ما ترجم به البخاري لأحد أبوابه في الصحيح من قوله: "باب الدين يسر" (¬6)، وما ذكره غير مرّة الإمام مالك في موطئه عند تنويهه بهذا الوصف الكريم: "ودين الله يسر" وذلك بعد استخلاصه لهذه الحقيقة من استقراء الشريعة (¬7).
وعقب الإمام الأكبر على هذه النصوص ببيان المزية الكبرى
¬__________
(¬1) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: 25.
(¬2) حديث جابر: 34 كتاب البيوع، 16 باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع. خَ: 3/ 9.
(¬3) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: 27.
(¬4) البقرة: 185.
(¬5) خَ: إيمان 29؛ تَ: المناقب: 32، 64؛ حَم: 1/ 236.
(¬6) رواه ابن أبي شيبة والبخاري في الأب المفرد، وأخرجه في الصحيح تعليقاً في كتاب الإيمان، 29 باب الدين يسر. خَ: 1/ 15.
(¬7) من ذلك ما أخرجه من حديث عائشة في 47 كتاب حُسن الخُلق، 1 باب ما جاء في حُسن الخلق. طَ: 2/ 902 - 903.

الصفحة 689