كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

أصول نظام الاجتماع الإسلامي. وللمساواة طرفان:
أولهما له تعلق بالعقيدة. من الواجب على المسلمين التخلّق به وترويض النفس عليه حتى يكونا خلقاً لهم ينساقون إليه انسياقاً اختيارياً جميلاً.
والطرف الثاني له علاقة بالتشريع يتحتم على المسلمين المصير إليه وإلى فروعه في أنواع المعاملات.

المساواة:
والمساواة التي سعت إليها الشريعة الإسلامية، كما قال الشيخ ابن عاشور، مساواة مقيدة بأحوال يجري فيها التساوي، وليست مطلقة في جميع الأحوال، لأن أصل خلقة البشر جاءت على التفاوت في المواهب والأخلاق. وذلك التفاوت يؤثّر تمايزاً بين أصحابه متقارباً أو متباعداً في آثار تلك الصفات، بترقّب المنافع منهم وتوقّع المضارّ. فيفضي ذلك لا محالة إلى تفاوت معاملة الناس بعضهم بمراتب الإكرام ومراتب ضدّه ... وقاعدة المساواة في الطرف الثاني أكثر اطِّراداً منها في الطرف الأول. والشريعة الإسلامية لم تعتبر في إقامة المساواة إلا انتفاء الموانع (¬1).
وموانع المساواة هي العوارض التي إذا تحققت تقتضي إلغاء حكم المساواة لظهور مصلحة راجحة في ذلك الإلغاء، أو لظهور مفسدة عند إجراء المساواة. وتتنوع هذه الموانع بين جبلية وشرعية واجتماعية وسياسية.
فالجبلية تمنع مساواة المرأة للرجل فيما لا تستطيع أن تساويه
¬__________
(¬1) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: 43 - 44.

الصفحة 701