كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

ذوي الكفاءة عندما يعرض له ما لا يتَّضِح له وجه الحق فيه. ويمضي شيخنا في الحديث عن سياسة الحكومة الإسلامية مبيناً أن ما تقتضيه السياسة يجري في مجالين:
الأول: مجال إجراء المصالح الضرورية والحاجية ودرء المفاسد. وقد مثل لذلك بالتجنيد وتأمين السبل ونصب المحاكم والشرطة ونحو ذلك من الهيئات التي تقوم بها المصالح العامة وتدرأ بها المفاسد.
والمجال الثاني للسياسة الإسلامية لا يجري إلا في مجال إجراء المصالح التكميلية والتحسينية في المصالح العامة كنشر العلم، ووعظ الناس، وتثقيف العقول بالتربية الكاملة، وإيجاد الملاجىء، والمطابخ الرفيقة، والمنتزهات، ومواضع الاستجمام والإسعافات العدلية والصحية (¬1).
ومن يلمس سريان الروح الديني في مختلف فصول هذا الكتاب من بدايته إلى نهايته، يدرك حقائق الإسلام وظواهره، حُكمَه وتوجيهاته، رحمتَه وإصلاحَه للفرد وللجماعة، رقياً بالإنسان وتزكية له، وصعوداً به في معارج النبل والكمال الإنساني. فتحسن عاقبته دنيا وأخرى. والتفاتة صغيرة إلى فلسفة الإمام الأكبر وحكمته، ترينا في وضوح ما ألمعنا إليه قبل من أن للشارع مقاصد من تشريعاته منها ما يرتبط بنصوص الأحكام، ومنها ما له علاقة بالمخاطبين بتلك النصوص المكلفين بتنفيذها. فالاتجاه المقصدي بارز في تشريعات الإسلام العامة الشاملة كما هو الشأن في أصول نظام الاجتماع الإسلامي التي عالج بها المؤلف أحوال الأفراد وأحوال الأمة جمعاء
¬__________
(¬1) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: 223.

الصفحة 703