كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 1)

أنا يا رسول الله. قال: بأي شيء دعوت؟ قال: قلت: سبحانك لا إله إلا أنت بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، أهلك هذا الكلب. فقال: "والذي بعثني بالحق، لقد دعوت في ساعة لو دعوت فيها على ما بين السماء والأرض لاستجيب لك".
وقال بعض العلماء: هذه الأخبار في يوم الجمعة غير متنافية، لأنه أخبر أن فيها ساعة، ثم أجاز أن تكون كل ساعة من الساعات المذكورة تلك الساعة، كما أخبر ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، ثم أجاز أن يكون كل وتر من أوتارها تلك الليلة والله أعلم.
والثالث: الأسحار، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل لما أخر يعقوب بنيه إلى السحر فقال صلى الله عليه وسلم: "لا دعاء السحر مستجاب"، وقد أثنى الله عز وجل على المتهجدين بالأسحار فقال: {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون}. وقال: {والمستغفرين بالأسحار} قبلت بذلك فضيلة هذا الوقت.
والرابع في الافياء روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تحروا الدعاء في الافياء" فقيل معناه أن يتحول الظلال عن الزوال من جانب إلى جانب. وقيل معناه: إذا فات الافياء وذلك قبل غروب الشمس بيسير.
والخامس. يوم عرفة. وروي عن النبي صلى الله عيه وسلم قال: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك ولع الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير".
وقد يجوز أن تكون تسمية النبي صلى الله عليه وسلم هذا الذكر، وإن لم يكن ندا ولا سؤالا، لأن الغرض منه ذلك اليوم، وفي ذلك الوقت خير يعود من الله عز وجل على الذاكر، فكان بالحقيقة سائلا، وإن كان لا يأتي بلفظ السؤال كالذي يطوف على بعض الأبواب والأسواق، ليدعو الناس يكون سائلا، وإن حذف لفظ السؤال، وعلى أن الذاكر قد يثني على الله عز وجل بمحامده، ويظهر حاجته فلا يبوح بها، علما بأن الله تعالى يعلمها مني ويشتغل

الصفحة 537