كتاب المنهاج في شعب الإيمان (اسم الجزء: 1)

يجتمع أربعون رجلا من المسلمين يدون في أمر واحد إلا استجاب لهم حتى لو دعوا على جبل لزلزلوه" وقد يحتمل أن يكون هذا، لأن الأربعين عدد من يلزمهم الجمعة وتنعقد بهم، وعدد المسلمين الذين لما بلغوه أظهروا الإسلام، فيرجأ إذا بلغ عدد الدعاة هذا إن يلحقهم الله تعالى بجماعة المسلمين الذين لو أمكن أن يجتمعوا على دعاء فاجتمعوا عليهم لاستجاب لهم وبالله التوفيق.
والسادسة: أدبار المكتوبات. يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل. أي الدعاء أسمع؟ قال: "شطر الليل الآخر، وأدبار المكتوبات". وهذا قد يلتحق بقول الله عز وجل. {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب} وقد تقدم الكلام فيه. وقد يحتمل أن يكون المعنى في أدبار المكتوبات أن القوم لما أوفوا ما عليهم منها طالبين به رضوان الله تعالى. وقد يرجى أنهم دفعوا في تلك الحال حاجة أجيبوا، لأن الإجابة في حال كأن منهم فيها ما يوجب الرضى عنهم أرجئ منها في حال سواها والله أعلم.
والسابعة: القيام في المجلس. وهذه الحال إنما يدعي فيها الكفارة المجلس دون غيرها. وروي عن رسول الله صلى الله عليها وسلم أنه قال: "كفارة المجلس أن يقول: إذا أردت أن تقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارت اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" وقل سبحانك اللهم وبحمدك، استغفرك وأتوب إليك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول بعد نزول سورة الفتح: فلقصيري عليه، وذلك لأن نفسه نعيت إليها بها، فينبغي لكل من ظن أنه لا يعيش مثل ما قد عاش أو قام من مجلس يظن أن لا يعود إليه أن يستعمل الذكر والله أعلم.
وأما المواطن فسبعة: الموقفان والجمرتان وعند البيت وعلى الصفا، وعلى المروة. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن فذكرها" والمعنى. لا ترفع الأيدي بالدعاء إلا في هذه المواطن، لأنها ترفع فيها بالدعاء لفضلها، ولما يرجى من الإجابة عندها.

الصفحة 539