كتاب حقيقة البدعة وأحكامها (اسم الجزء: 1)

وذاك متشدد يحكم على كل ما لم يألفه , أو يوافق مسلكه بالإبتداع حتى لربما أدخل في البدع بعض المعاصي والمخالفات الشرعية , التي لا يطاق عليها بدع من الجهة الشرعية , وربما أدخل في البدع الشرعية بعض المبتكرات العلمية , والإكتشافات التجريبية , وبالتالي يغالي في الحكم على المبتدعة , ويتجاوز الحدود الشرعية في شأنهم من حيث بغضهم , والتحذير منهم , أو موالاتهم أو معاونتهم على الكافر , ونحو ذلك من العلاقات.
وربما بلغ الغلو في شأن البدعة والمبتدعة، نسيان أهل الكفر الصراح وعدم الالتفات إلى خطورتهم وأساليبهم الماكرة، والحق بين طرفي الإفراط والتفريط، وقد جلست إلى بعض الفضلاء المشهورين بالعلم أستشيره في موضوع البدعة، وقد وضعت خطة أولية لطلب أن أقرأ عليه الخطة فلما وصلت إلى ذكر مفهوم البدعة عند غير أهل السنة، صاح بي منكراً وجود معنى أو تعريف للبدعة عند غير أهل السنة.
ولما وصلت على ذكر أقسام البدعة أنكر أن تكون البدعة ذات أقسام، فلما بينت له هدأ فتبين لي أن موضوع البدعة بالشكل التأصيلي، غير واضح عند بعض أهل العلم، فكيف بمن هم دون ذلك؟.
وسبب ثالث لاختياري هذا الموضوع هو أنني نظرت في الكتب المؤلفة في البدعة فرأيت بعضها اختص برواية الأخبار والآثار، وبعضها اختص بذكر أنواع من المحدثات، من غير اهتمام مجالات البدعة وأقسامها وأحكامها على شكل قواعد وأصول، يستوي في ذلك المؤلفات القديمة والجديدة.
نعم، هناك علماء اهتموا بوضع القواعد في أمر البدع، بعد إستقراء النصوص الشريعة وفهم السلف لها وأقوالهم فيها ن وهم قسمان:
الأول: لم يخصص لهذه القواعد مصنفاً، بل تركها مبثوثة في مؤلفاته، ومن هذا القسم جماعة من العلماء قديماً وحديثاً، وعلى رأسهم أبو العباس تقي الدين ابن تيمية - رحمه الله - الذي تربع على كرسي الأستاذية - وهو به جديد - بعد

الصفحة 8