كتاب حقيقة البدعة وأحكامها (اسم الجزء: 1)

يسمع منه كراهية أن يقع في قلبه منه شيء) .
وقد ذهب إمام دار الهجرة إلى أبعد من ذلك فجعل تلقي العلم عن المبتدع الداعي لبدعته أمراً منهياً عنه، وهذا من باب الأولى أيضاً فإذا كان السماع قد نهي عنه فتلقي العلم أحرى بالنهي.
قال مالك - رحمه الله -: (لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه، ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به) .
هذا في سماعهم والتلقي عنهم، أما في مجادلتهم والخوض معهم فيما خاضوا فيه، فقد نبه السلف على ذلك كثيراً، إذ جعلوا مصطلح (أهل الجدل والخصومات) مرادفاً لمصطلح (أهل البدع والأهواء) فهذا أبو قلابة يقول: 0إياكم وأصحاب الخصومات، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون.
بل قد جعل الحكم بن عتيبة الخصومات سبباً في دخول الناس في الأهواء والبدع حين سأله أحد أصحابه: (ما اضطر الناس إلى هذه الأهواء أن يدخلوا فيها؟ قال: الخصومات) .

الصفحة 84