كتاب حقيقة البدعة وأحكامها (اسم الجزء: 1)

ولعله يدخل في هذا ما يسلكه بعض أهل السنة، بدافع حبهم للسنة وتحذيرهم من البدعة، فيجادلون عن السنن، ويخاصمون أهل البدع، فيكون ذلك سبباً في نشر بدعة كانت نائمة، والإشارة إلى مبتدع لم يكن معروفاً، قال الفضيل ابن عياض: (لا تجادلوا أهل الخصومات، فإنهم يخوضون في آيات الله) .
وقد بوب اللالكائي - رحمه الله - لهذا باباً سماه: (سياق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن مناظرة أهل البدع، وجدالهم والمكالمة معهم، والاستماع إلى أقوالهم المحدثة وآرائهم الخبيثة) .
وهذا لا يعارض ما ذكرناه آنفاً من دعوة المبتدعة، وإرشادهم، ولا يعارض كذلك التحذير منهم وكشف شبههم والرد عليها.
بشرط أن يلتزم في ذلك بآداب الدعوة إلى الله عز وجل، ومعرفة المهم والأهم، وقاعدة أخف الضررين، وأعلى المنفعتين.
وما يقال في ترك السماع من أهل البدع، وترك الخوض فيما خاضوا فيه، يقال كذلك في مجالستهم، وجامع ذلك هو الذم للمبتدع ولبدعته، والتحذير منه، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب) .
وعن عبد الله بن المبارك: (يكون مجلسك مع المساكين، وإياك أن تجالس صاحب بدعة) .
وعن الحسن البصري قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم) .

الصفحة 85