كتاب حقيقة البدعة وأحكامها (اسم الجزء: 1)

وهذا ما يسميه العلماء: (هجر أهل البدع والأهواء) .
ولابد من التنبيه هنا إلى أن الهجر حكم شرعي، يأتي على وجه التأديب لمن أظهر المنكرات والمحدثات (.. وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة: إن الدعاة إلى البدعة لا تقبل شهادتهم، ولا يصلى خلفهم، ولا يؤخذ عنهم العلم، ولا يناكحون، فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا، ولهذا يفرقون بين الداعية وغير الداعية..) .
ولابد من تنبيه آخر يناسب هذا المقام وهو: أن الذم الوارد للمبتدعة وللبدع، فإذا ثبت ذم البدع فقد ثبت ذم صاحبها، وإذا تأكد ذم مقارف البدع دل ذلك من باب الأولى على ذم ما كان سبباً في استحقاقه لهذا الذم.
وإنما تطلق هذه المعاني التي ذكرناها آنفاً في باب التحذير من البدع والتنفير من أهلها، ولهذا الباب متعلقات حكمية تفصيلية، تختلف باختلاف البدعة من حيث ضخامتها، أو ضآلتها، وكونها في الأصول أو الفروع العلمية العملية، وتختلف كذلك باختلاف أحوال المبتدع جهلاً أو علماً، وهوى أو تأولاً، ودعوة أو استتاراً، مما ينبغي مراعاته والعناية به، وسوف يأتي تفصيله - بعون الله - في الباب الثالث.

الصفحة 86