كتاب حقيقة البدعة وأحكامها (اسم الجزء: 1)

أن أفنى شطراً من عمره في جمع علم السلف، وتتبع آثارهم في الأبواب الخيرية والطلبية، ونظراً في أصحاب المقالات، وسير أغوار أهل العبادة، والإدارة ... فجمع بين العلم بالشرع، والعلم بأحوال أهل البدع، فأصبح الإمام المجتهد والمتدبر للآثار بفكر ثاقب، وذكاء نادر، وحافظة واعية، وخبرة طويلة، وممارسة أصلية، وشجاعة نادرة ... مع معرفة عميقة بمقالات وأحوال أهل الابتداع، فكان بذلك الإمام القادر على الأخذ والرد في مضمار العقيدة وغيرها، والحجة الثبت الذي يعاد إلى أقواله ويحتج بآرائه، فهو بحق واضع قواعد وأصول الاعتقاد والعمل على حسب ما كان عليه السلف.
ومن أجل ذلك اعتمدت في بحثي هذا على اقواله كثيراً، وإن كانت أقواله فيما يختص بمسالة البدعة وأحكامها ليست مجموعة في مكان واحد، بل متنأثرة في سائر مصنفاته - رحمه الله تعالى.
القسم الثاني: من خصص لقواعد النظر والحكم على البدعة مصنفاً واحداً وجمعها في مؤلف واحد.
ولم أطلع - بحسب علمي الناقص - على مؤلف يضاهي الاعتصام لأبي اسحاق الشاطبي - رحمه الله تعالى - ولذلك اعتمدته كثيراً في هذا البحث، فقد كان المجلي في هذا المضمار، فوضع القواعد ووضع الأمور وأجلى الحقائق، إلا أنه لم يسلم مما لا يسلم منه بشراً!!! فقد كانت روايته للحديث والآثار ليست على درجة كبيرة من الإتقان، مما أدى إلى وضع بعض القواعد بناء على أحاديث ضعيفة كبيراً لا أصل لها.
ولم يتعرض في كتابة لكل القواعد والأحكام المتعلقة بالبدعة والمبتدع ولعل في الجزء المفقود من الكتاب استكمالاً لبعض هذا النقص، وأما المطبوع من هذا الكتاب فعلى كثرة الأغلاط فيه نجد أن مؤلفه - رحمه الله - ترك بعض القواعد المهمة في قضايا الابتداع، وخصوصاً في الحكم على البدعة والمبتدع، وإذا

الصفحة 9