كتاب حقيقة البدعة وأحكامها (اسم الجزء: 1)

اعدل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن يعدل إذا لم أعدل.."، فقال عمر بن الخطاب: ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، ينظر أحدهم إلى نصله، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل البضعة تدردر يخرجون على حين فرقة من الناس.. قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن علي ابن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي نعت) .
وهذه البدعة التي فاح شيء من نتنها في عهد النبوة المبارك، لم تكن سوى ومضة تشبه ارتداد الطرف، في ضحاً أشرق بالسنا النبوي وأضاء بسراج الرسالة المحمدي، فلم يكن لها أن تطمس شيئاً من ذلك وأتي لها؟ بيد أن هذه البدعة كانت نواة بدع ضخام كبرى فيما بعد، ومن هذا الباب عد العلماء الفضلاء بدعة الخوارج أول البدع ظهوراً، وعدوها كذلك البدعة التي حدثت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
ولا تناقض بين قول هؤلاء وقول الذين قالوا بأنه لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء من البدع والأهواء فإن كلا القولين صحيح من جهة، فأما قول الأولين فإنهم قصدوا أن جذور بدعة الخوارج وجدت منذ أن اعترض ذو الخويصرة على حكم الرسول - عليه السلام -، ودليلهم في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "… إن من ضئضيء هذا قوماً يقرأون القرآن ولا يجاوز

الصفحة 93