كتاب حقيقة البدعة وأحكامها (اسم الجزء: 1)

حناجرهم".
والضئضيء بالهمز: الأصل، والمراد يخرج من صلبه ونسله وهذا ما حدث في آخر العهد الراشد.
وبهذا الاعتبار عدت هذه أول بدعة في الإسلام حدثت في مدة حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم-.
لأن هذه معارضة للشرع بالهوى، ومعاندة للنص بالرأي الباطل، فمن هنا كانت أولى البدع.
وأما من قال بأنه لم يكن في عهده - صلى الله عليه وسلم - شيء من البدع، فينصرف إلى اعتبار ظهورها وتفشيها وانتشارها، وتجمع الناس حولها، وهذا لم يحدث في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، وما كان ليحدث والوحي يتنزل والإسلام في زيادة، والنبي حي - عليه أفضل الصلاة والتسليم - وهو الناصح الأمين والمجاهد الجاهد في طمس كل ما لا يحبه الله.
وبدأو ببعض المخالفات التي قد تحسب في حساب البدع كقول الثلاثة، وتنازع بعض الصحابة في القدر، واعتراض ذي الخويصرة.. لا يشكل ظاهرة يشار إليها.. وإنما كان حدوث ذلك وفق حكمة الباري - عز وجل - ليكون بسببها التنبيه على خطورة البدع، والتحذير من شرها، وفي ذلك بلاغ وذكرى للمؤمنين.
وبعد وفاة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - ظهرت الاعتراضات كالبذور، وظهر منها الشبهات كالزروع، ولكنها كانت في أغلبها اختلافات اجتهادية، خصوصاً ما حدث بين الصحابة - عليهم رضوان الله - وكان كل قصدهم إقامة مراسم الدين وفق مناهج الشرع القويم، وحفظ الملة من كل خطأ وزلة، فكان بينهم اختلافات اجتهادية، لم تصل إلى حد البدعة والفرقة، مثل ما حدث في مرضه - عليه السلام -

الصفحة 94