كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 1)

الانتقال من خواص الأجسام.
قال أبو المعالي في الإرشاد: المعنى بالإنزال أن جبريل عليه السلام أدرك كلام الله تعالى وهو في مقامه فوق سبع سموات، ثم نزل (١) إلى الأرض وأفهم الرسل ما فهمه عند سدرة المنتهى من غير نقل لذات الكلام (٢)، فإذا قال القائل: نزلت رسالة الملك من القصر لم يرد بذلك انتقال أصواته وانتقال كلامه القائم (٣) بنفسه. انتهى (٤).
---------------
(١) في ط: "أنزل".
(٢) يفهم من كلام المؤلف وكلام أبي المعالي: أن الكلام المنزل هو عبارة عن كلام الله، وهذا خلاف مذهب السلف.
يقول شارح الطحاوية في بيان مذهب السلف والرد على من قاك: إن المنزل هو عبارة عن كلام الله: "وحقيقة كلام الله تعالى الخارجية هي ما يسمع منه أو من المبلغ عنه، فإذا سمعه السامع علمه وحفظه، فكلام الله مسموع له معلوم محفوظ، فإذا قاله السامع فهو مقروء له متلو، فإن كتبه فهو: مكتوب له مرسوم, وهو: حقيقة في هذه الوجوه، لا يصح نفيه، والمجاز يصح نفيه.
فلا يجوز أن يقال: ليس في المصحف كلام الله، ولا ما قرأ القارِئ كلام الله، وقد قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}، وهو لا يسمع كلام الله من الله، وإنما يسمعه من مبلغه عن الله، والآية تدل على فساد قول من قال: إن المسموع عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله فإنه تعالى قال: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} ولم يقل: حتى يسمع ما هو عبارة عن كلام الله، والأصل الحقيقة، ومن قال: إن المكتوب في المصاحف عبارة عن كلام الله, أو حكاية كلام الله وليس فيه كلام الله، فقد خالف الكتاب والسنة وسلف الأمة وكفى بذلك ضلالاً".
انظر: شرح الطحاوية ص ١٢٦.
(٣) في ط: "القديم".
(٤) انظر: الإرشاد لأبي المعالي الجويني فصل معنى إنزال كلام الله تعالى (ص ١٣٥).

الصفحة 32