كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 1)
مثال آخر: "قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (¬١)، والقول بالقياس تقديم بين يدي الله ورسوله، إذ هو قول بغير الكتاب والسنة.
وأيضًا فالقياس إنّما يفيد الظنّ، والظنّ منهي عنه لقوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬٢)، وقوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (¬٣) أي ولا تتبع ما لا تعلم، نهي عمّا ليس بعلم، ومن جملته الظنّ.
وأيضًا قوله تعالى: {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (¬٤). يقتضي الاستغناء عن القياس" (¬٥).
مثال: "ومنها قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (¬٦) مع قوله في آية أخرى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (¬٧) فظاهر الأولى وضع السيف فيهم حيث يثقفون، وظاهر الآية الثانية يقتضي جواز أخذ الجزية من أصناف الكفار من غير فصل.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا من كل حالم دينارًا" وقال: "أمرت أنْ أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" الحديث، وظاهر هذا أنّ الجزية لا تؤخذ
_________
(¬١) سورة الحجرات: الآية ١.
(¬٢) سورة الأعراف: الآية ٣٣.
(¬٣) سورة الإسراء: الآية ٣٦.
(¬٤) سورة الأنعام: الآية ٥٩.
(¬٥) ينظر: ص ٢٢٠٩.
(¬٦) سورة التوبة: الآية ٥.
(¬٧) سورة التوبة: الآية ٢٩.