كتاب نوادر الأصول في أحاديث الرسول (اسم الجزء: 1)

الْأَشْيَاء وَلَو عقلوا لقالوا مثل مَا قَالَ مطرف بن عبد الله حِين سَار لَيْلَة مَعَ صَاحب لَهُ فأضاء لَهُ طرف عَصَاهُ كالسراج مَعَه فَقَالَ لَهُ صَاحبه لَو حَدثنَا بِهَذَا كذبنَا فَقَالَ مطرف المكذب بنعم الله يكذب بِهَذَا وَلَو نظر عُلَمَاء الظَّاهِر إِلَى مَا أعْطى الله تَعَالَى لَهُم من مَعْرفَته وَهِي أعظم شَيْء فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لم يستعظموا مَا إِذا أعطي أحدهم دسجة من جزر فِي بَريَّة من الأَرْض أَو رغيفا بل قَالُوا هَذَا من الله الَّذِي أَعْطَانَا مَعْرفَته الَّتِي هِيَ أثقل من سبع سموات وَسبع أَرضين لكنه من أعطي هَذَا الْعَطاء الْجَلِيل فَلم يرعه حق رعايته وَلم يشْكر الْمُعْطِي بل سَهَا وَلها وَتبطل فِي صُورَة الكفور للنعمة مُقبلا على الدُّنْيَا وَمن انتبه لما أعطي وانكشف غطاء قلبه رعى مَا أعطي وَعز عَلَيْهِ أَن يدنس خلعة الله الَّذِي خلع على قلبه كَمَا عز عَلَيْهِ أَن يدنس خلعة الْمُلُوك فِي دَار الدُّنْيَا فَكيف بالخلعة الَّتِي خلعها رب الْعَالمين على قُلُوب الْمُوَحِّدين اشتعل فِي قُلُوبهم نور التَّوْحِيد حَتَّى عرفوه وآمنوا بِهِ فاشرقت صُدُورهمْ وَنزع عَنْهَا ظلمَة الْكفْر وخلعها عَنْهُم وخلع عَلَيْهِم لِبَاس التَّقْوَى الَّذِي هُوَ وقاية من النَّار
ثمَّ قَالَ فِي تَنْزِيله الْكَرِيم {ذَلِك من آيَات الله} وَقَالَ {حبب إِلَيْكُم الْإِيمَان وزينه فِي قُلُوبكُمْ وَكره إِلَيْكُم الْكفْر والفسوق والعصيان أُولَئِكَ هم الراشدون فضلا من الله ونعمة} ثمَّ قَالَ {وَالله عليم حَكِيم}

الصفحة 235