كتاب نوادر الأصول في أحاديث الرسول (اسم الجزء: 1)

عليم بِمَعْنى أعْطى من هُوَ من عباده حَكِيم فِي أمره بالحكمة فعل هَذَا لَا بالجزاف
{هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض وَإِذ أَنْتُم أجنة فِي بطُون أُمَّهَاتكُم}
فَمن انتبه لهَذِهِ النِّعْمَة وَلِهَذَا الْفضل لم يستعظم أَن تطوى لَهُ الأَرْض أَو يعْطى رغيفا فِي بَريَّة وَالله يَقُول فِي تَنْزِيله الْكَرِيم {ويستجيب الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ويزيدهم من فَضله}
قيل هُوَ الشَّفَاعَة يَوْم الْقِيَامَة فَرجل يشفع فِي أهل النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَصَارَ مِمَّن يجوز قَوْله بَين يَدي رب الْعِزَّة فِي ذَلِك الْموقف إِن أعطَاهُ رغيفا فِي الدُّنْيَا من حَيْثُ لَا يقدر عَلَيْهِ مَاذَا يكون فِيهِ حَتَّى يُنكر هَذَا وَمَا يخرج إِنْكَار هَذَا إِلَّا من قوم جهلوا صنائع الله تَعَالَى وتدبيره فِي خلقه وَلم يتَبَيَّن لَهُم كَرَامَة الله إيَّاهُم
وَجَاء عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَو عَرَفْتُمْ الله حق مَعْرفَته لزالت بدعائكم الْجبَال
فعلماء الظَّاهِر عرفُوا الله وَلَكِن لم ينالوا حق الْمعرفَة فَلذَلِك عجزوا عَن هَذِه الْمرتبَة ودفعوا أَن يكون هَذَا كَائِنا لأحد وَلَو عرفوه حق الْمعرفَة لماتت عَنْهُم الشَّهَوَات وَحب الرياسة وَالشح على الدُّنْيَا والنتافس فِي أحوالها وَطلب الثَّنَاء ترى أحدهم ينصب سَمعه مصغيا الى مَا يَقُول النَّاس لَهُ وَفِيه وعينه شاخصة إِلَى مَا ينظر النَّاس إِلَيْهِ مِنْهُ وَقد عميت عَيناهُ عَن النّظر إِلَى صنع الله وتدبيره فَإِن الله كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن وَقد صم أُذُنه عَن مواعظ الله يقرأه وَلَا يتلذذ لَهُ وَلَا يجد لَهُ حلاوة وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا

الصفحة 236