كتاب نوادر الأصول في أحاديث الرسول (اسم الجزء: 1)

وَحب الجاه وَحب الثَّنَاء وَحب الرياسة وَحب الشَّهَوَات وَفتن الدُّنْيَا ورين الذُّنُوب
فَإِذا عرض فِي الصَّدْر ذكر شَيْء هُوَ حق وعَلى الْحق نور حَالَتْ الظلمَة بَين نور الْحق وَنور الْقلب فَلم يمتزجا وَلم يعرف الْقلب ذَلِك الْحق فصاحبه فِي حيرة مِنْهُ وَإِذا عرض أَمر هُوَ بَاطِل وعَلى الْبَاطِل ظلمَة امتزج الْبَاطِل بظلمة الشَّهَوَات ورين الذُّنُوب فَلم يعلم الْقلب بِشَيْء من ذَلِك لِأَن نور الْقلب قد انكمن فِي الْقلب وَلم يشرق فِي الصَّدْر فَلَيْسَ لأهل التَّخْلِيط من هَذِه الْعَلامَة شَيْء فَإِنَّهُ قَالَ دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك وصدره ممتلىء ريبا فَكيف يتَبَيَّن فِيهِ الريب الزَّائِد قَالَ لَهُ قَائِل إِن رَأَيْت أَن تنص على حديثين حَدِيث يعرفهُ المحقون ببصائهم وَلَا ينكرونه وَحَدِيث ينكرونه لنعرف بِهِ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَمن قبل ذَلِك فَأخْبرنَا مَا معنى قَوْلك يعرفهُ المحقون ببصائرهم قَالَ ان الْحق الْأَعْظَم الَّذين انشعب مِنْهُ الْحُقُوق لَا يسكن إِلَّا فِي قلب طَاهِر وَكَذَلِكَ الْيَقِين لَا يسْتَقرّ إِلَّا فِي قلب طَاهِر فَمن لم يطهر قلبه فَهَذِهِ الْأَشْيَاء نافرة عَنهُ لَا تَجِد مأمنها فَإِذا وجدت قلبا وَقد تطهرت من أدناس الذُّنُوب ودرن الْعُيُوب فقد وجدت مأمنا فارتبعت فِيهِ فَوجدت صَاحبه حكيما وَوَجَدته موقنا وَوَجَدته محقا فالحكمة ينبوع قلبه وَمِثَال بَين عَيْنَيْهِ وَالْيَقِين مطالعة الملكوت وَالْحق مستعمله وَمن لم يطهر قلبه فَالْحق نافر عَنهُ فَهُوَ يتبع الْحق ليعْمَل بِهِ وَالْحق هارب مِنْهُ فَلذَلِك يشْتَد عَلَيْهِ الْقيام بِالْحَقِّ ويثقل عَلَيْهِ حَتَّى يعجز عَنهُ والمحق يجْرِي فِيهِ كالسهم وكالماء وكالدهن لينًا وكالريح سرعَة ومضيا
وَأما حَدِيث يعرفهُ المحقون فَروِيَ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَاقَته الجدعاء فَقَالَ أَيهَا النَّاس كَأَن الْمَوْت فِيهَا على غَيرنَا كتب وَكَأن الْحق على غَيرنَا وَجب وَكَأن الَّذِي نشيع من الْمَوْتَى عَن قَلِيل إِلَيْنَا رَاجِعُون نبوءهم أجداثهم

الصفحة 241