كتاب نوادر الأصول في أحاديث الرسول (اسم الجزء: 1)

وَمِمَّا يُحَقّق مَا قُلْنَا مَا جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا يلْدغ الْمُؤمن من جُحر مرَّتَيْنِ بروايات جمة وطرق شَتَّى
قَالَ أَبُو عبد الله فالمؤمن المخلط قد يلْدغ مَرَّات وَهُوَ لسكره لَا يجد لدغة اللدغة وَقد عمل فِيهِ حمة السم فَلَو قد أَفَاق لاحتاج إِلَى من يمسِكهُ من الِاضْطِرَاب والتلوي وَإِنَّمَا عَنى بِالْمُؤمنِ ذَلِك الْبَالِغ الَّذِي وقف بِهِ حذره على أَمر عَظِيم كَمَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ كالخير كُله من رجل كَانَ فِيهِ حِدة وَسُئِلَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ كَانَ كالطير الحذر الَّذِي يرى أَن لَهُ فِي كل طَرِيق شركا يَأْخُذهُ
فالمؤمن الْبَالِغ إِذا وَقع فِي الْخَطِيئَة وجع قلبه وتمرر عيشه وقلقت نَفسه فَهُوَ يتلوى كاللديغ يتململ ندما وتحسرا وأسفا يبيت ساهرا ويظل نائحا قد أنكت فِيهِ هَذِه الْخَطِيئَة سمها فَكَأَنَّهُ أيقظته من الْغَفْلَة فَلَا يواقع تِلْكَ الْخَطِيئَة مَخَافَة أَن يَقع فِيهَا وَهَذَا لمن لدغته الْخَطِيئَة

الصفحة 278