كتاب نوادر الأصول في أحاديث الرسول (اسم الجزء: 1)

وَأما حلق أوساط الرؤوس فَذَلِك عَلامَة لضرب مِنْهُم أحدثوه فِيمَا بَينهم
وَلما بعث أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ الْجنُود إِلَى الشَّام قَالَ إِنَّكُم سَتَجِدُونَ أَقْوَامًا حبسوا أنفسهم فِي الصوامع فدعوهم وَمَا حبسوا أنفسهم لله تَعَالَى وستجدون آخَرين اتخذ الشَّيْطَان فِي أوساط رؤوسهم أفحاصا فَإِذا أوجدتم أُولَئِكَ فاضربوا أَعْنَاقهم فالذنن تركُوا الدُّنْيَا وحبسوا أنفسهم فِي الصوامع واعتزلوا أَمر بترك التَّعَرُّض لَهُم وَلم يطالبوا بجزية لأَنهم تركُوا فتركوا لأَنهم كَانُوا صَادِقين فِي سبيلهم وَإِن كَانُوا على ضَلَالَة وَالَّذين خَرجُوا من الصوامع فَلم يصبروا على الْعُزْلَة وفحصوا عَن أواسط رؤوسهم فقد أخبر أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ أَن الشَّيْطَان دلهم على ذَلِك عَلامَة لأَنْفُسِهِمْ وتشهيرا وإظهارا لما هم عَلَيْهِ كَأَنَّهُ يدل على أَن ذَلِك الصِّنْف مِنْهُم بِمَنْزِلَة من تزهد فِي هَذَا الْعَصْر وَهُوَ غير صَادِق فِي ذَلِك يُرِيد بترك الدُّنْيَا وَقصد بِلبْس الصُّوف والخلقان وحف الشَّارِب وتشمير الثِّيَاب والعمة المطوقة تَحت الحنك وَالِاسْتِقْصَاء فِي الْكحل إِلَى اللحاظ المراياة فَهَذِهِ عَلَامَات الطَّبَقَة الكاذبة المتزهدة المتأكلة حطام الدُّنْيَا بِمَا أظهرُوا من زيهم وشكلهم وتماوتهم وخشوع نفاقهم فَكَذَلِك كَانَ أُولَئِكَ غير صَادِقين فِي عزلتهم فِي الصوامع فَلم يصبروا عَلَيْهَا فَخَرجُوا وَقد حَلقُوا أوساط رؤوسهم ترائيا وتشهيرا لأمرهم فَأمر أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بِضَرْب أَعْنَاقهم لأَنهم مَعَ كفرهم لغيرالله عمِلُوا فِي دينهم وَالَّذين تركُوا وحبسوا أنفسهم تركُوا وَمَا حبسوا

الصفحة 83