كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 1)

وخمسون سنة. قال: وها أنا قد جاوزت التسعين.
قال: ورأيته بعد ثلاث وتسعين صحيح الحواس، لم يتغير منها شيء، ثابت العقل، يقرأ الخط الدقيق من بُعد. ودخلنا عليه قبل موته بمدَيدة، فقال: قد نزلت في أذني مادة، فقرأ علينا من حديثه، وبقي على هذا نحوا من شهرين، ثم زال ذلك، وعاد إلى الصحة ثم مرض فأوصى أن يعمق قبره زيادة على ما جرت به العادة، وقال: لأنه إذا حفر ما جرت به العادة لم يَصلوا إلي وأن يكتب على قبره " قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ. أَنُتُم عنهَ مَعرِضُون " ص: ٦٨، ٦٩. وبقي ثلاثة أيام قبل موته لا يفتر من قِرَاءَةً القرآن، إلى أن توفي يوم الأربعاء قبل الظهر ثاني رجب سنهَ خمس وثلاثين وخمسمائة. وصلي عليه بجامع المنصور. وحضر قاضي القضاة الزينبي، ووجوه الناس وشيعناه إلى مقبرة باب حرب، فدُفن إلى جانب أبيه، قريبا من بشر الحافي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قلتُ: وحدث القاضي أَبُو بَكْرٍ بالكثير من حَديثه، وسمع منه الأئمة الحفاظ وغيرهم، وأثنوا عليه.
قال ابن الخشاب عنه: كان مع تفرده بعلم الحساب والفرائض، وافتنانه في علوم عديدة، صدوقا، ثبتا في الرواية، متحريا فيها.
وقال ابن ناصر عنه: كان إماما في الفرائض

الصفحة 440