كتاب ذيل طبقات الحنابلة - لابن رجب - ت العثيمين (اسم الجزء: 1)

وبرع، وناظر وأفتى، ودرس الفقه والتفسير ووعظ، واشتغل عليه خلق كثير. وكان فقيها بارعا، وواعظا فصيحا، وصدرا معظما، ذا حُرمةٍ وحشمة وسؤددٍ ورئاسة، ووجاهةٍ وَجَلالة وهيبهْ.
ولما ورد الفرنج إلى دمشق سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، أرسله صاحب دمشق إلى الخليفة المسترشد ببغداد ليستنجدهم على الفرنج، فخلع عليه ووَعَده بالإنجاد.
وكان له بجامع دمشق مجلس يعقده للوعظ، وقيل: إنه منع منه بسبب الفتن.
قال ابن السمعاني: سمعتُ أبا الحجاج يُوسف بن محمد بن مقلد التنوخي الدمشقي - مذاكرة - يقول: سمعتُ الشيخ الإمام عبد الوهاب بن أبي الفرج الحنبلي الدمشقي - بدمشق - ينشد على الكرسي في جامعها، وقد طاب وقته:
سيدِي عَلِّلِ الفُؤَاد العَليلا ... وَأحْيني قَبْل أن تراني قتيلا
إن تكن عَازماً على القبض رحي ... فتَرفَّق بها قَليلاً قَليلاً
قرأت بخط حفيده ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم قَالَ: حكى لنا الفصيح الحنفي قَالَ: احتجت، فأشار علي بعضُ الناس أن أقوم في مجلس شرف الإسلام فأمتدحه بقصيد شعر. قَالَ: فَفَعَلْتُ، فرمى علي الشيخُ منديلا كان في يده، فخلع على جماعة أصحابه ثيابا كثيرة، ونثروا علي، فخرجتُ من المجلس ومعي جمال تحمل الخلع. فبلغ ذلك البرهان

الصفحة 448