كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)
المؤمنين حاضت قبل طواف الوداع، فلما أراد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الرجوع إلى المدينة، قالت صفية: ولا يمكنني الطواف الآن، وظنت أن طواف الوداع لا يسقط عن الحائض فقال لها: "أما كنت طفت يوم النحر، قالت: بلى، قال: يكفيك ذلك" (¬1)؛ لأن طواف الركنِ سقط بفعله، والوداع سقط عنها بحيضها، وبما تقرر عُلِمَ أن خبر: "لا ينفرن أحد حتَّى يكون آخر عهده بالبيت" (¬2) عامٌّ إلا في الحيض، فإنه لا طواف عليهن، وأنه لا يجوز للمحرم أن يخرج من مكة حتَّى يطوف طواف الإفاضة، فإن خرج قبله لم يَجُزْ له أن يحلَّ حتَّى يعود إلى مكة فيطوفه.
329 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا حَاضَتْ".
[1755، 1760 - مسلم: 1328 - فتح: 1/ 428]
(وهيب) أي: ابن خالد. (تنفر) بكسر الفاءِ أفصح من ضمِّها.
330 - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: "فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ إِنَّهَا لَا تَنْفِرُ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "تَنْفِرُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لَهُنَّ".
[1761 - فتح: 1/ 428]
(إن رسول الله) هو من تتمة قول ابن عمر. (لَهُنَّ) أي: للحائض، وإنما جمع؛ نظرًا إلى الجنس، وفتوى ابن عمر أولًا بخلاف ذلك؛ إمَّا لأنه نسيَ الحديث؛ أو أنه سمع الحديث بَعْدُ من صحابيٍّ آخر رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع بعد السماع عن فتواه الذي كان باجتهاد.
¬__________
(¬1) سيأتي برقم (1561) كتاب: الحج، باب: المتع والإقران والإفراد بالحج.
(¬2) رواه مسلم (1327) كتاب: الحج، باب: وجوب طواف الوداع.
وأبو داود (2002) كتاب: المناسك، باب: في الوداع. والنسائي في "الكبرى" 2/ 463 (4184) كتاب: الحج، باب: النهي عن الصيام أيام منى.
الصفحة 661
672