كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 1)

كسير، قال: بل أنا سعيد بن جبير، قال: بل الشقي بن كسير، قال: كانت أمي أعرف باسمي، قال: ما تقول في محمد، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، خير ولد بني آدم عليه السلام، المصطفى خير من بقي، وخير من مضى، قال: فما تقول في أبي بكر؟ قال: الصديق، خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورضي الله عنه ثاني اثنين أعز الله به الدين، وجمع به الفرقة، ومضى حميدًا، وعاش سعيدًا، ومضى على منهاج نبيه - صلى الله عليه وسلم -، قال: فما تقول في حق عمر؟ قال: الفاروق، خيرة الله، وخيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مضى حميدًا، وعاش سعيدًا، ومضى على منهاج صاحبيه، قال: فما تقول في عثمان بن عفان؟ قال: المقتول ظلمًا، قال: فما تقول في علي؟ قال: ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأول من أسلم، زوج فاطمة، وأبو الحسن والحسين، قال: فما تقول في حقي؟ قال: أنت أعلم بنفسك، قال: بث بعلمك، قال: اعفني، قال: لا عفى الله عني إن أعفيتك، قال سعيد بن جبير للحجاج: إني أعلم أنك مخالف لكتاب الله، ترى من نفسك أمورًا تريد بها الهيبة وهي تقحمك الهلاك، قال: أما والله لأقتلنك قتلة لم أقتلها أحد قبلك، ولا أقتل أحد بعدك، قال: إذن تفسد عليَّ دنياي، وأفسد عليك آخرتك، فأمر الحجاج لغلام بقتله، فضحك سعيد بن جبير، فقال له: فماذا أضحكك عند القتل، قال: من جرأتك على الله، ومن حلم الله عنك، فقال: يا غلام اقتله، فذبحه من قفاه، فلما أبين رأسه الشريف، قال: لا إله إلا الله ثلاثًا، فبلغ ذلك الحسن البصري - رحمه الله، فقال: اللهم قاصم الجبابرة، اقصم الحجاج، فما بقي إلا ثلاثة أيام، حتى وقع في جوفة الدود فمات، وكان الحجاج يقول: ما لي ولسعيد بن جبير، وكلما أردتُ النوم أخذ برجلي، ولقد مات سعيد بن جبير وما على الأرض أحد إلا ويحتاج إلى علمه، كذا قاله عبد الرحمن بن الجوزي من علماء الحنبلية في (طبقاته). عن ابن عباس؛ رضي الله عنهما أنه رَقَدَ أي: نام ليلة قبل أداء الوتر، ثم استيقظ أي: من نومه، فقال لخادمه: أي: لم يسم انظر ماذا صنع الناس أي: هل صلوا صلاة الفجر أم لا؟ وقد ذهب بصره، أي: والحال يومئذٍ زال نور عينيه، ولم يدرك أثر الصبح، فذهب أي: الخادم، ثم رجع؛ فقال: قد انصرف الناس من الصبح، أي: من صلاته أو من المسجد، فقام ابن عباس فأوتر، أي: أولًا قضاء، ثم صلى الصبح، ففي هذا أن الوتر يصلى بعد طلوع الفجر (ق 259) ما لم يصل الصبح رعاية للترتيب.
* * *

الصفحة 496