كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 1)
257 - أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أن عُبَادَة بن الصَّامِت كان يؤمّ قومًا، فخرج يومًا للصبح، فأقام المؤذِّن الصلاة، فأسكته حتى أوتر ثم صلي بهم.
قال محمد: أحبّ إلينا أن يُوتِرَ قبل أن يطلع الفجر، ولا يؤخره إلى طلوعه. فإن طلع قبل أن يُوتِر فَلْيُوتِرْ ولا يتعمد ذلك، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: بنا، رمزًا إلى أخبرنا، أخبرنا يحيى بن سعيد، أي: ابن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، ثقة، ثبت في الطبقة الخامسة، مات سنة أربع وأربعين، أو بعدها، كذا قاله ابن حجر (¬1)، أن عُبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه بضم العين، وتخفيف الموحدة، وهو أبو الوليد الأنصاري، كان نقيبًا وشهد العقبة الأولى والثانية والثالثة، وشهد بدرًا والمشاهد كلها، ثم وجهه عمر إلى الشام قاضيًا ومعلمًا، فأقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين، ومات بها في الرملة، وقيل: ببيت المقدس سنة أربع وثلاثين، روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين، كان يؤمّ قومًا، فخرج يومًا للصبح، أي: لملاقه فأقام المؤذِّن الصلاة، أي: صلاة الصبح كما في (الموطأ) لمالك فأسكته أي: عبادة بن الصامت، جعل المؤذن ساكنًا حتى أوتر ثم صلي بهم الصبح، كذا في نسخة، فكأنه تذكر به بعد خروجه، وأراد الترتيب حال القضاء في وقوعه.
قال مالك: وإنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر، فلا ينبغي لأحد أن يعتمد لذلك حتى يقع وتره بعد الفجر، يعني: يكره له ذلك، وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي سعيد مرفوعًا: "من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له"، وهذا محمول على المعتمد أي: لا وتر له كاملًا لتفويته وقته الاختياري حتى أوقعه في الضروري، لما رواه أبو داود عن أبي سعيد أيضًا مرفوعًا: "من نسي الوتر أو نام عنه فليصله إذا ذكره ما لم يصل الصبح"، وشذت طائفة منهم طاوس فقالوا: يقض بعد طلوع الشمس.
¬__________
(257) إسناده صحيح.
(¬1) التقريب (1/ 591).
الصفحة 497
510