كتاب المهيأ في كشف أسرار الموطأ (اسم الجزء: 1)
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وكان من أتباع التابعين، وفي نسخة: ثنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى: حدثنا، أخبرنا نافع، أي: المدني، مولى ابن عمر، وفي نسخة: "في" موضع "أخبرنا" عن ابن عمر، أنه كان يسلم في الوتر بين الركعة والركعتين، حتى يأمر ببعض حاجته، وأخذ به الشافعي.
قال محمد: ولسنا نأخذ أي: لا نعمل بهذا، أي: بما رواه نافع عن ابن عمر، ولكنا نأخذ أي: نعمل ونفتي بقول عبد الله بن مسعود وابن عباس، يعني: قال المصنف رحمه الله: ما رواه نافع عن ابن عمر معارض بما رُوي عن عبد الله بن مسعود وابن عباس، فرجحنا ما رُوي عنهما على ما روي عنه، لقوى في قولهما فإنهما أفقهان منه، يعني لا يترجح قولهما على قوله بسبب انضمام حديث ابن عباس إلى حديث ابن مسعود، بل يترجح قولهما بسبب قوتهما لكون صاحبهما أفقه من صاحبه، كما لا يترجح صاحب الجراحات على صاحب جراحة واحدة، حتى إن جرح رجل خطأ رجلًا جراحة واحدة صالحة للقتل، وجرح ذلك الرجل رجل آخر جراحات خطأ، كل واحدة منها صالحة للقتل، فمات المجروح فلا يترجح صاحب الجراحات على صاحب جراحة واحدة، فلا يكون أكثر الدية على صاحب أكثر الجراحات، بل يكون الدية على عاقلتها نصفين، بخلاف ما إذا كانت جراحة أحدهما أقوى في التأثير، كما إذا قطع أحدهما يد رجل، والآخر جزء أي: قطع رقبته فمات، فالقاتل هو قاطع الرقبة، لكون فعله أقوى في التأثير؛ لأن الحياة غير متصورة مع قطع الرقبة، فالدية على عاقلة قاطع الرقبة خاصة، كما قاله ابن المُلك، في بحث الترجيح من (شرح المنار).
وكذا العمل هنا على قول عبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، كما قال محمد بن الحسن - رحمهما الله بقوله: ولا نرى أي: لا نختار أن يُسَلِّمَ على الغائب المجهول بينهما، أي: بين الركعتين والركعة من الوتر، لما ورد من آثار صريحة وأخبار صحيحة.
الصفحة 499
510