كتاب زهر الأكم في الأمثال والحكم (اسم الجزء: 1)

على تسامح أو على أنها دائرة على وجه الثاني فقط دون الأول، وهو بعيد إلاّ أنّ يكون ثم إصلاح.
وأعلم إنّ المثل بهذا المعنى الثالث مأخوذ من المعنى الأول وهو الشبه، لأنّه تمثيل، إلاّ أنه سار. وقيل من المثال وهو المقدار كما سبق، لأنّه يجعل مقياسا لغيره، وهو راجع إلى ذلك أيضاً. وقيل إنّما سمي مثلا لأنّه ماثل لخاطر الإنسان أبدا يتأسى به ويعظ ويأمر ويزجر. والماثل: الشخص المنتصب من قولهم: طلل ماثل، أي شاخص، وقد يقال: رسم ماثل أي دارس، وهو من الأضداد. إذا عرفت هذا كله وعرفت معنى استعمال لفظ المثل في المضرب تشبيها بالمورد، فاعلم إنّ ذلك هو معنى ضرب المثل يقال: ضرب الشيء مثلا، وضرب به، وتمثله، وتمثل به، وهو معنى قول بعضهم: ضرب المثل اعتبار الشيء بغيره وتمثيله به، وفسر المفسرون ضرب المثل الواقع في قوله تعالى:) إنَّ الله لا يستحي أ، يضربَ مثلاً (الآية، وقوله:) وتلكَ الأمثالُ نضربها للناس (الآية، بالتبيين والجعل والوصف.
وفي الكشاف: ضرب المثال: اعتماده وصنعه.
وقال الراغب: الضرب: اقاع شيء على شيء. ز بتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها، كضرب الشيء باليد والعصا والسيف ونحوها، وضرب الأرض بالمطر، وضرب الدرهم اعتبارا بضربه بالمطرقة، وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه. وبذلك شبه السجية فقيل لها الضريبة والطبية، والضرب في الأرض الذهاب فيها وهو ضربها بالأرجل، وضرب الفحل الناقة تشبيها بالضرب بالمطرقة، كقولك: طرقها تشبيها بالطرق بالمطرقة، وضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة. وتشبيها بضرب الخيمة قال تعالى:) ضربتُ عليهمُ الذلةُ (أي التحفتهم الذلة التحاف الخيمة بمن ربت عليه. ومنه استغير فضربنا على آذانهم في الكهف، وضرب اللبن بعضه ببعض بالخلط، وضرب المثل من ضرب الدراهم وهو ذكر شيء أثره يظهر في غيره. قال الله تعالى:) ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً (انتهى.

الصفحة 24