كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 1)

وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ وَحَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ طُرُقٍ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ ثُمَّ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ
وَلَمْ يَذْكُرُوا فَاصِلَةً إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُمْ ثُمَّ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ يَقْتَضِي الْفَاصِلَةَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَخَالَفَ الْآثَارَ وَالنَّاسَ لِقَوْلِهِ بِالْمِثْلَيْنِ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ حِينَ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ
فَتَرَكَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتًا مُفْرَدًا لَا يَصْلُحُ لِأَحَدِهِمَا وَهَذَا لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ أَيْضًا
وَأَمَّا أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ فَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَا ذَكَرْنَا فِيهِ وَمِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ وَمِنْ قَوْلِ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا فِي مُرَاعَاةِ الْمَيْلِ مِنَ الظِّلِّ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ وَهُوَ كُلُّهُ مَعْنًى مُتَقَارِبٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ مِنْ حِينِ يَصِيرُ الظِّلُّ مِثْلَيْنِ
وَهَذَا خِلَافُ الْآثَارِ وَخِلَافُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ مَهْجُورٌ
وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَقَالَ مَالِكٌ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ أن يكون ظل كل شي مِثْلَيْهِ بَعْدَ الْقَدْرِ الَّذِي زَالَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِ
وَهَذَا عِنْدَنَا مَحْمُولٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَمَا دَامَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَهُوَ وَقْتٌ مُخْتَارٌ أَيْضًا لِصَلَاةِ الْعَصْرِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لَمْ تَدْخُلْهَا صُفْرَةٌ فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمِثْلَيْنِ عِنْدَهُمُ اسْتِحْبَابٌ
قَالَ بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ بَعْدَ الْقَدْرِ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ

الصفحة 26