كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 1)
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ أَوَائِلَ الْأَوْقَاتِ أَحَبُّ إِلَيْهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا فِي الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِنَّهَا يُبْرَدُ بها
وأما رواية بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَقْتُهَا مِنْ حِينِ يَغِيبُ الشَّفَقُ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ - فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ الِاشْتِرَاكُ مِنْ أَهْلِ الضَّرُورَاتِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُسْتَحَبُّ فِي وَقْتِهَا إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إِلَى بَعْدِ نِصْفِ اللَّيْلِ وَلَا تَفُوتُ إِلَّا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ آخِرُ وَقْتِهَا أَنْ يَمْضِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَا أَرَاهَا إِلَّا فَائِتَةً يَعْنِي وَقْتَهَا الْمُخْتَارَ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَقُولُ بِالِاشْتِرَاكِ لِأَهْلِ الضَّرُورَاتِ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَقْتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ
وَقَالَ دَاوُدُ وَقْتُهَا مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي أَحَادِيثِ إمامة جبريل من رواية بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ - ثُلُثُ اللَّيْلِ
وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى بِالْمَدِينَةِ لِلسَّائِلِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ونصف الليل
وحديث علي مثله
وحديث بن عُمَرَ مِثْلُهُ
وَكُلُّهَا مُسْنَدَةٌ وَقَدْ ذَكَرَتُهَا فِي كِتَابِ ((التَّمْهِيدِ)) بِأَسَانِيدِهَا
وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ ((لَوْلَا أَنَّ أَشَقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ))
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ
وَهَذَا يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِيَارَ التَّعْجِيلُ خَوْفَ الْمَشَقَّةِ
الصفحة 31