كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 1)

إمام أحدث فقدم رجلاً من آخر الصفوف ثم خرج من المسجد، فإن نوى الثاني أن يكون إماماً من ساعته، ونوى أن في ذلك المكان جازت صلاة الخليفة وصلاة الإمام الأول، ومن كان على يمين الخليفة وعلى يساره في صفه ومن كان خلفه، ولا تجوز صلاة من كانوا أمامه في الصفوف؛ لأنهم صاروا أمام الإمام، وإن نوى الثاني أن يكون إماماً إذا قام مقام الأول، وخرج الإمام الأول قبل أن يصلي الثاني إلى مقام الأول فسدت صلاتهم؛ لأنه كما خرج الإمام الأول فلا مكان للإمامة عن الإمام، والإمام الأول يتوضأ ويبني على صلاته في الأحوال كلها.
إذا أحدث واستخلف رجلاً من خارج المسجد والصفوف متصلة بصفوف المسجد لم يصح استخلافه، وتفسد صلاة القوم في «نوادر أبي حنيفة» وأبي يوسف رحمهما الله، وفي فساد صلاة الإمام روايتان، فقيل: والأصح هو الفساد.

إمام سبقه الحدث واستخلف رجلاً، واستخلف الخليفة غيره: قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله: إن كان الإمام لم يخرج من المسجد، ولم يأخذ الخليفة مكانه حتى استخلف غيره جاز، ويصير كأن الثاني تقدم بنفسه، أو قدمه لإحكام ما للأول وإن كان غير ذلك لا يجوز.
إمام توهم أنه رعف فاستخلف غيره، فقبل أن يخرج الإمام من المسجد ظهر أنه كان ماء ولم يكن دماً، قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله: إن كان الخليفة أدى ركناً من الصلاة لم يجز للإمام أن يأخذ الإمامة مرة ثانية، لكنه يقتدي بالخليفة؛ لأن الخلافة تأكدت بأداء ركن، وإن لم يؤدِ ركناً لكنه قام في المحراب، قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمة الله عليهما: له أن يأخذ الإمامة مرة أخرى؛ لأن المسجد كمكان واحد، فيجعل كأن لم يحول وجهه عن القبلة، وقال محمد رحمه الله: لا يجوز؛ لأنه حول وجهه عن القبلة بالشك لا بالتيقن بالحدث، فتفسد صلاته عند محمد رحمه الله.
وفي «متفرقات الفقيه أبي جعفر رحمه الله» : إذا ظن الإمام أنه أحدث من غير حدث فاستخلف رجلاً ثم تبين له قبل أن يخرج من المسجد أنه لم يحدث قال: إن كان لم يأت بالركوع جازت صلاتهم يعني الخليفة، وإن أتى بالركوع فسدت صلاتهم.
قال الفقيه: هذا وفي رواية محمد بن سماعة عن محمد رحمة الله عليهما: أنه قال: إذا قام مقام الإمام فسدت صلاتهم وإن لم يأت بركن من أركان الصلاة، وإذا لم يقم الخليفة مقام الإمام الأول جازت صلاتهم، قال: وكان الشيخ الإمام يفتي بهذا إذا ظن الإمام أنه أحدث فاستخلف رجلاً وخرج من المسجد، ثم علم أنه لم يكن حدثاً فسدت صلاة الكل هو الصحيح.
ظن الإمام أنه أحدث، وأنه على غير وضوء، فانصرف القوم رجلاً (رجلاً) ثم استيقن بالطهارة فسدت صلاة الكل خرج الإمام من المسجد أو لم يخرج الإمام.

إذا صار مطالباً بالبول، فذهب واستخلف غيره لا يصح استخلافه، إنما يصح الاستخلاف بعد خروج البول، وكذا إذا أصابه وجع البطن أو غير ذلك، وكذلك إن عجز

الصفحة 493