كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 1)

عليه السلام، فعلى هذا يصلي على النبي عليه السلام في القعدتين جميعاً، ومنهم من قال: في المسألة اختلاف، عند أبي حنيفة رحمه الله يصلي في القعدة الأولى، وعند محمد رحمه الله يصلي في القعدة الأخيرة وهو قعدة سجود السهو بناءً على أصل أن سلام من عليه السهو يخرجه من الصلاة عندنا، فإذا كان يخرجه (80ب1) من الصلاة كانت القعدة الأولى من قعدة الختم، فيصلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلّمويدعو الله تعالى فيه ليكون خروجه منها بعد الفراغ من الأدعية والسنن والمستحبات.

وعند محمد رحمه الله: سلام من عليه سجود السهو لا يخرجه من الصلاة فيؤخر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّمإلى قعدة سجدتي السهو؛ فإنهما من الأخيرة له.
وهذا الاختلاف إنما يظهر إذا ضحك بعد السلام قبل سجود السهو لا تنتقض طهارته عندهما، وعند محمد رحمه الله تنتقض، قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: القعدة بعد سجدتي السهو ليست بركن، وإنما أمر بها بعد السجود ليقع ختم الصلاة بها، فيوافق ذلك موضوع الصلاة ويوليها، وأما أن يكون ركناً فلا، حتى لو تركها بأن سجد سجدتين بعد السلام ثم قام وذهب لم تفسد صلاته؛ لأنه لو لم يسجد للسهو لا تفسد صلاته، فإذا سجد ولم يقعد أولاً أن لا تفسد صلاته.
وأما بيان محلها
فنقول سجود السهو بعد السلام سواء كان من زيادة أو نقصان، وقال الشافعي رحمه الله: يسجد قبل السلام.
حجته: حديث عبد الله بن مسعود أن النبي عليه السلام سجد سجدتي السهو بعد السلام، ولأن السجدة شرعت تجبر النقصان فيجب أن يقع في الصلاة.
ولنا: حديث ثوبان على ما مر، وما روى محمول على ما قبل السلام الثاني، فإن عندنا يسجد للسهو بعد السلام الأول قبل السلام الثاني، عليه عامة المشايخ رحمهم الله ولأن سجدة السهو تأخرت عن وقت السهو مع أن الحكم لا يتأخر عن السبب في الأصل لحكمة، وهو: التحرز عن وهم التكرار، وما قبل السلام متوهم فيه السهو فيتوهم التكرار، فيؤخر عن السلام، ثم يعود إلى حرمة الصلاة بالسجود لتحقق الجبر في الصلاة، ولو سجد بعد السلام أجزأه عندنا.

قال القدوري رحمه الله: هذا رواية «الأصول» ، قال: وروي عنهم أنه لا يجزيه؛ لأنه أراه قبل، وفيه وجه رواية «الأصول» : أن فعله حصل في فصل مجتهد فيه، فلا يحكم بفساده..... بالإعادة يتكرر السجود، وهذا لم يقل به أحد من العلماء، وحكم السهو في صلاة الفرض والنفل سوى حديث ثوبان على ما مر، من غير فصل، ولأن الفرض والنفل إنما يفترقان في وصف الفريضة والنفلية دون الأركان والشروط.

الصفحة 500