كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 1)

كما لو انحرف عن القبلة على ظن أنه لم يمسح رأسه، ثم تذكر أنه كان قد مسح رأسه وهو في المسجد بعد، فإنه يستقبل الصلاة، وإن تكلم أو خرج من المسجد لا يأتي بهما؛ لأنه خرج عن حرمة الصلاة على الثبات وبقاء حرمة الصلاة شرط لأدائهما، ولا تفسد صلاته؛ لأن سجود السهو ليس بركن، بل هو واجبة، وترك الواجب لا يوجب فساد الصلاة، وإن كان في مكانه ذلك فبدا له أن يسجد وفي القوم من تكلم أو خرج من المسجد ومنهم من لم يتكلم ولم يخرج من المسجد فعلى من لم يتكلم أن يتابعه فيهما، ولا شيء على من تكلم؛ لأن الذي تكلم أو خرج من المسجد خرج عن حرمة الصلاة بعد أداء أركانها والفراغ منها، فلا شيء عليه، والذي لم يتكلم وهو في مكانه بعد لم يخرج عن حرمة الصلاة، فيلزمه المتابعة، فإن كان من نيته حتى سلم أن يسجد السهو فلم يسجد حتى تكلم أو خرح من المسجد فقد قطع صلاته، فلا شيء عليه، وإن لم يتكلم ولم يخرج من المسجد وكان في مجلسه ذلك حتى تذكر عليه أن السهو، فإنه يسجدهما.
نوع آخر في سلام السهو
إذا سلم في الظهر على رأس الركعتين ساهياً مضى على صلاته؛ لأن هذا سلام السهو، وسلام السهو لا يخرجه عن حرمة الصلاة، ويسجد للسهو؛ لأنه أخر ركناً من أركان الصلاة عن وقته، وقوله مضى على صلاته استحسان.
والقياس وهو: أن سلام الساهي ككلامه، ولو تكلم ساهياً فسدت صلاته، فكذلك إذا سلم ناسياً يدل عليه أن سلام العامد جعل ككلامه وإن وجد في غير موضع السلام فكذلك سلام الناسي وجب أن يجعل ككلامه.

وجه الاستحسان وهو: أن النبي عليه السلام سلم على رأس الركعتين من الظهر ساهياً ثم قام فأتم صلاته، ولأن السلام ليس بكلام محض، وإنما هو كلام يشبه معنى الذكر، وإنه ما يجزىء في السجدة، ولو كان كلاماً محضاً لم يصلح في الصلاة، فثبت أنه يشبه الذكر من وجه، ويشبه الكلام من وجه، فيعطى له حظاً منهما، ففي حالة النسيان عيّنّا جهة الذكر ولم تفسد صلاته، وفي حالة العمد عيّنّا جهة الكلام وأفسدنا صلاته، ويجوز أن يكون الكلام واحداً ويختلف الحكم بالقصد.
ألا ترى أن الجنب إذا قال: الحمد لله رب العالمين، وأراد به الشكر جاز له ذلك من غير كراهة، وإن أراد به تلاوة القرآن كره له ذلك، فاختلف الجواب لاختلاف القصد وإن كان الكلام واحداً كذا ها هنا.
ثم السهو عن التسليمة؛ لا يخلو التسليم عن أحد الوجهين:
إما إن وقع في أصل الصلاة أو في وصفها، إن وقع في أصل الصلاة يوجب فساد الصلاة، وإن وقع في وصف الصلاة لا يوجب فساد الصلاة.
بيان الأول: إذا سلم في الركعتين (83ب1) على ظن أنه في صلاة الفجر أو في

الصفحة 514