كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 1)

الجمعة أو في السفر، فإنه تفسد صلاته؛ لأن في زعمه أن عليه التسليم على رأس الركعتين، وهذا رأس الركعتين، فهذا في التسليم وقع في أصل الصلاة، وكان هذا سلام عمد في أصل وسط الصلاة، فيوجب فساد الصلاة ولا يوجب سجود السهو.
وبيان الثاني: إذا سلم على رأس الركعتين على ظن أنها رابعة لا تفسد صلاته؛ لأن في زعمه أن الواجب عليه التسليم على رأس الرابعة، وفي زعمه أنه أتمها أربعاً، فإذا ظهر أنه لم يتم لكون هذا سهواً وقع في وصف الصلاة، لأن تمام الشيء وصفه، وكان هذا سلام الساهي فلا تفسد صلاته، فعليه أن يقوم ويصلي ركعتين ويسجد سجدتي السهو؛ لأنه آخر ركنه.
ومما يتصل بهذا الفصل
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : إذا سلم ساهياً وعليه سجدة، فهذه المسألة لا تخلو إما أن يكون عليه سجدة تلاوة أو سجدة صلبية أو سجدة سهو، وأياً ما كان، فإنه يأتي بها؛ لأنه في حرمة الصلاة بعد؛ لأن سلام الساهي لا يجزئه عن حرمة الصلاة، وإذا لم يخرجه عن حرمة الصلاة صار وجود هذا السلام والعدم بمنزلة، ولو لم يوجد السلام أليس إنه يأتي بها، كذا ها هنا، وإذا أتى بها بعد ترتفض القعدة، فإن كانت سجدة تلاوة أو سجدة صلبية ترتفض القعدة؛ لأن القعدة شرعت بعدهما والإتيان بهما يوجب في رفض القعدة ضرورة، ثم هذا الإشكال في السجدة الصلبية؛ لأن الصلبية ركن، والقعدة الأخيرة فرض، ورفض السنن قبله جائز كما في الجمعة مع الظهر، فإنه يجوز رفض الظهر بالجمعة؛ لأنه فرض مثل الظهر، وإنما الإشكال في سجدة التلاوة؛ لأن سجدة التلاوة واجبة، والقعدة الأخيرة فرض، ولا يجوز رفض الفرض بالواجب كما لو تذكر القنوت في الركوع، فإنه لا يعود، لأنه متى عاد صار قضاء الركوع بالواجب، فلا يجوز وقد فقد ها هنا وجهه؛ لأن القعدة الأخيرة وإن كانت فرضاً إلا أنه لم يتم ما لم يخرج عن الصلاة؛ لأن القعدة ما شرعت بعينها وإنما شرعت للخروج، فإن الخروج عن الصلاة لا يصح بدون القعدة فما لم يوجد ما هو المقصود من القعدة، فإنها لا تتم، وإذا لم يتم حقيقة جاز رفضها بالتلاوة، لأن رفض الفرض قبل التمام لمكان الواجب جائز، كمن شرع في الظهر، فصلى ركعة أو ركعتين ثم أقيمت الصلاة، فإنه يتركها ويشرع مع الإمام في الجماعة ليدرك فضيلة الجماعة، والجماعة سنّة، فلما جاز رفض الفرض قبل التمام لمكان السنّة، فلما كان الواجب أولى بخلاف ما لو ترك القعدة الأولى ثم تذكر بعدما استتم قائماً، فإنه لا يعود؛ لأن القيام مشروع نفسه، فإذا وجد أدنى ما يطلق عليه اسم القيام تم الركن في نفسه، فلو عاد إلى القعدة يصير رافضاً للركن بعد التمام لمكان الواجب، وهذا لا يجوز، وكذلك الركوع ركن شرع

لعينه فمتى وجد أدنى ما ينطلق عليه اسم الركوع وهو انحناء الظهر تم الركن في نفسه لوجود نفسه.
فلو قلنا: إنه يعود إلى القنوت يصير رافضاً للركوع بعد التمام لمكان الواجب، وإنه

الصفحة 515