كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 1)

وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف رحمه الله: رجل صلى ركعة ونسي سجدة منها ثم تذكرها وهو ساجد في الثانية قال: إن شاء رفض هذه السجدة التي هو فيها وسجد التي هي عليه ثم عاد إلى ما كان فيها وأربعاً اعتد بها ورفع رأسه منها وسجد التي هي عليه، ثم يمضي في صلاته، ورواه عن أبي حنيفة، وإن ذكر السجدة وهو راكع في الثانية قال أبو يوسف رحمه الله: إن شاء اعتد بها ورفع رأسه منها، ثم سجد التي هي عليه ثم سجد سجدتي الركعة الثانية، وسجد سجدتي من السهو، وإن شاء رفض ركوعه وسجد السجدة التي عليه ثم أعاد القراءة الثانية وركع عليها.

وكذلك إن كانت السجدة التي تركها من الثانية تذكرها وهو راكع في الثالثة فعلى نحو ما بينا في الركعة الثانية، وإن كان رفع رأسه من الركعة الثانية في الفصل الأول أو من الركعة الثالثة في الفصل الثاني ثم تذكر السجدة التي عليه لا ترتفض هذه الركعة؛ لأنها ركعة تامة، وإن لم يكن بعينها سجدة ويسجد التي عليه ثم يسجد لهذه الركعة سجدتين.

نوع آخر
فيمن يصلي التطوع ركعتين ويسهو فيهما ويسجد لسهوه بعد السلام ثم أراد أن يبني عليها ركعتين أخراوين.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : عن أبي حنيفة رحمه الله: في رجل صلى ركعتين تطوعاً وسها فيهما وسجدة لسهوه بعد السلام ثم أراد أن يبني عليهما ركعتين أخراوين: لم يكن له أن يبني، لأنه لو فعله فقد أبطل سجود السهو لوقوعها في وسط الصلاة.
فرق بين هذا وبين المسافر إذا صلى الظهر ركعتين وسها فيها وسجد بسهوه ثم نوى الإقامة، فإنه ملزم لإتمام صلاته؛ لأن هناك إن حصل سجود السهو في وسط الصلاة ولكن بمعنى شرعي لا يفعل.... باختياره.
وحقيقة الفرق بينهما: أن السلام يحلل في جميع المواضع ثم بالعود إلى سجود السهو يصير عائداً إلى حرمة الصلاة عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لضرورة أن يكون سجود السهو مؤدياً إلى حرمة الصلاة، وهذه الضرورة فيما يرجع إلى إكمال تلك الصلاة لا فيما يرجع إلى صلاة أخرى، ونية الإقامة عملها في إكمال تلك الصلاة، فتظهر عود الحرمة في حقها، فأما كل شفع من التطوع صلاة على حدة، فلا يظهر عود الحرمة في حق شفع آخر، فلهذا لا يبني عليهما ركعتين، ولو أنه بنى عليه ركعتين أخراوين (84ب1) جاز، وهل يعيد سجدتي السهو في آخر الصلاة؟
فيه اختلاف المشايخ، والمختار أنه يعيد؛ لأن الشفع الثاني بناءً على التحريمة التي يتمكن فيها السهو فلا يمنعه من أداء سجود السهو.

الصفحة 519