كتاب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (اسم الجزء: 1)

قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : في رجل يصلي الفجر وهو ذاكر أنه لم يوتر فالفجر فاسد إلا أن تكون في آخر وقت الفجر بخلاف أن يفوته الفجر تماماً، وقال أبو يوسف، ومحمد رحمهما الله الوتر سنّة، وعند أبي حنيفة رحمه الله واجب.
وثمرة الاختلاف تظهر في موضعين: أحدهما في هذه المسألة، فإن عندهما الوتر لما كان سنّة لا يجب مراعاة الترتيب ويثبت الفجر، فإن مراعاة الترتيب لها يوجب في المكتوبات، وعند أبي حنيفة رحمه الله لما كان واجباً يجب مراعاة الترتيب.
والمسألة الثانية: إذا صلى العشاء بغير وضوء فإنه يصلي العشاء، ولا يعيد الوتر عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما يعيد الوتر أيضاً؛ لأن الوتر عندهما سنّة وكان تبعاً للفرض، فإذا وجبت إعادة ما هو فرض وجبت إعادة ما هو تبعاً له، وعند أبي حنيفة رحمه الله: الوتر واجب كالعشاء، وقد أداه في وقته بطهارة، فلا يلزمه الإعادة.
ومما يتصل بهذا الفصل
إذا وقع الشك في الفوائت.

رجل نسي صلاة، ولا يدري أي صلاة نسيها ولم يقع تحريمه على شيء يقدر صلاة وليلة عندنا حتى يخرج عما عليه مضى، قال بعض مشايخ بلخ رحمهم الله: يصلي الفجر بتحريمة ثم المغرب بتحريمة، ثم يصلي أربع ركعات، وينوي ما عليه من صلاة هذا اليوم وليلته.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: يصلي أربع ركعات ويقعد على رأس الركعتين، ورأس الثالثة ورأس الرابعة، وينوي ما عليه من صلاة يومه وليلته، فيجزئه عن أي صلاة فاتت، ولا حاجة إلى قضاء الخامس لنا: أن ما قلنا أولى؛ لأن هذا يؤدي إلى أركان، وهو القعود على رأس الثالث، وهو على ما قاله بعض مشايخ بلخ يقع الخلل في هيئة القراءة، فإنه الخمس والثلاث يدرى أنه يجهر في القراءة أو يخافت، وربما يؤدي إلى ترك الواجب، وهو الخروج عن الصلاة لا بلفظة السلام، فالخروج عما عليه يبقى من غير أن يقع الخلل في شيء مما قاله أصحابنا رحمهم الله، وعلى هذا إذا نسي صلاتين في يومين لا يدري أي صلاتين هما، قال: يعيد صلاة يومين، هكذا رواه أبو سليمان عن محمد رحمهما الله، وعلى هذا إذا نسي ثلاث صلوات من ثلاثة أيام، ولا يدري أي: صلوات هي قال: يعيد صلاة ثلاثة أيام ولياليها، رواه إبراهيم عن محمد رحمهما الله.

ولو ترك صلاتين من يومين الظهر والعصر، ولا يدري أيهما تركها أولاً، ولا يقع تحريمه على شيء، قال أبو حنيفة رحمه الله: بأنه يصلي إحدى الصلاتين مرتين والأخرى مرة احتياطاً، فإن بدأ بالظهر ثم بالعصر ثم بالظهر كان أفضل؛ لأن الظهر أسبق وجوباً في الأصل، وإن بدأ بالعصر ثم بالظهر ثم بالعصر يجوز أيضاً؛ لأنه صار مؤدياً ومراعياً للترتيب بيقين وتقع إحديهما نافلة، وعندهما إن لم يقع تحريمه على شيء يصلي كل صلاة مرة إن شاء بدأ بالظهر، وإن شاء بدأ بالعصر، فمن مشايخنا من قال: لا خلاف بينهم، فإن ما قاله أبو حنيفة رحمه الله: جواب الأفضل، وما قالهما جواب الحكم ومنهم من

الصفحة 537