كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

عُرْوَة وَالِد هِشَام الْمَذْكُور الْمدنِي التَّابِعِيّ الْجَلِيل الْمجمع على جلالته وإمامته وَكَثْرَة علمه وبراعته وَهُوَ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة وهم هُوَ وَسَعِيد بن الْمسيب وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق وَسليمَان بن يسَار وخارجة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء ثمَّ الْجِيم بن زيد بن ثَابت وَفِي السَّابِع ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن. الثَّانِي سَالم بن عبد الله بن عمر. الثَّالِث أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام وعَلى القَوْل الْأَخير جمعهم الشَّاعِر
(أَلا إِن من لَا يَقْتَدِي بأئمة ... فقسمته ضيزى من الْحق خَارِجَة)

(فخذهم عبيد الله عُرْوَة قَاسم ... سعيد أَبُو بكر سُلَيْمَان خَارِجَة)
وَأم عُرْوَة أَسمَاء بنت الصّديق وَقد جمع الشّرف من وُجُوه فَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صهره وَأَبُو بكر جده وَالزُّبَيْر وَالِده وَأَسْمَاء أمه وَعَائِشَة خَالَته ولد سنة عشْرين وَمَات سنة أَربع وَتِسْعين وَقيل سنة ثَلَاث وَقيل تسع. روى لَهُ الْجَمَاعَة وَلَيْسَ فِي السِّتَّة عُرْوَة بن الزبير سواهُ وَلَا فِي الصَّحَابَة أَيْضا الْخَامِس أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا تكنى بِأم عبد الله كناها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِابْن أُخْتهَا عبد الله بن الزبير وَقيل بسقط لَهَا وَلَيْسَ بِصَحِيح وَعَائِشَة مَأْخُوذَة من الْعَيْش وَحكى عيشة لُغَة فصيحة وَأمّهَا أم رُومَان بِفَتْح الرَّاء وَضمّهَا زَيْنَب بنت عَامر وَهِي أم عبد الرَّحْمَن أخي عَائِشَة أَيْضا مَاتَت سنة سِتّ فِي قَول الْوَاقِدِيّ وَالزُّبَيْر وَهُوَ الْأَصَح تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة بِسنتَيْنِ وَقيل بِثَلَاث وَقيل بِسنة وَنصف أَو نَحْوهَا فِي شَوَّال وَهِي بنت سِتّ سِنِين وَقيل سبع وَبنى بهَا فِي شَوَّال أَيْضا بعد وقْعَة بدر فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة أَقَامَت فِي صحبته ثَمَانِيَة أَعْوَام وَخَمْسَة أشهر وَتُوفِّي عَنْهَا وَهِي بنت ثَمَانِي عشرَة وَعَاشَتْ خمْسا وَسِتِّينَ سنة وَكَانَت من أكبر فُقَهَاء الصَّحَابَة وَأحد السِّتَّة الَّذين هم أَكثر الصَّحَابَة رِوَايَة رُوِيَ لَهَا ألفا حَدِيث وَمِائَتَا حَدِيث وَعشرَة أَحَادِيث اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على مائَة وَأَرْبَعَة وَسبعين حَدِيثا وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بأَرْبعَة وَخمسين وَمُسلم بِثمَانِيَة وَخمسين رَوَت عَن خلق من الصَّحَابَة وروى عَنْهَا جماعات من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ قريب من الْمِائَتَيْنِ مَاتَت بعد الْخمسين إِمَّا سنة خمس أَو سِتّ أَو سبع أَو ثَمَان فِي رَمَضَان وَقيل فِي شَوَّال وَأمرت أَن تدفن لَيْلًا بعد الْوتر بِالبَقِيعِ وَصلى عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَهل هِيَ أفضل من خَدِيجَة بنت خويلد فِيهِ خلاف فَقَالَ بَعضهم عَائِشَة أفضل وَقَالَ آخَرُونَ خَدِيجَة أفضل وَبِه قَالَ القَاضِي وَالْمُتوَلِّيّ وَقطع ابْن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي وَآخَرُونَ وَهُوَ الْأَصَح وَكَذَلِكَ الْخلاف مَوْجُود هَل هِيَ أفضل أم فَاطِمَة وَالأَصَح أَنَّهَا أفضل من فَاطِمَة وَسمعت بعض أساتذتي الْكِبَار أَن فَاطِمَة أفضل فِي الدُّنْيَا وَعَائِشَة أفضل فِي الْآخِرَة وَالله أعلم وَجُمْلَة من فِي الصَّحَابَة اسْمه عَائِشَة عشرَة عَائِشَة هَذِه وَبنت سعد وَبنت حز وَبنت الْحَارِث القريشية وَبنت أبي سُفْيَان الأشهلية وَبنت عبد الرَّحْمَن بن عتِيك زَوْجَة ابْن رِفَاعَة وَبنت عُمَيْر الْأَنْصَارِيَّة وَبنت مُعَاوِيَة بن الْمُغيرَة أم عبد الْملك بن مَرْوَان وَبنت قدامَة بن مَظْعُون وَعَائِشَة من الأوهام وَإِنَّمَا هِيَ بنت عجرد وَسمعت ابْن عَبَّاس وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من اسْمه عَائِشَة من الصَّحَابَة سوى الصديقة وَفِيهِمَا عَائِشَة بنت طَلْحَة بن عبيد الله عَن خَالَتهَا عَائِشَة أصدقهَا مُصعب ألف ألف وَكَانَت بديعة جدا وَفِي البُخَارِيّ عَائِشَة بنت سعد بن أبي وَقاص تروي عَن أَبِيهَا وَفِي ابْن مَاجَه عَائِشَة بنت مَسْعُود بن العجماء العدوية عَن أَبِيهَا وعنها ابْن أَخِيهَا مُحَمَّد بن طَلْحَة وَلَيْسَ فِي مَجْمُوع الْكتب السِّتَّة غير ذَلِك وَثمّ عَائِشَة بنت سعد أُخْرَى بصرية تروي عَن الْحسن (فَإِن قلت) مَا أصل قَوْلهم فِي عَائِشَة وَغَيرهَا من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم الْمُؤمنِينَ قلت أَخَذُوهُ من قَوْله تَعَالَى {وأزواجه أمهاتهم} وَقَرَأَ مُجَاهِد وَهُوَ أَب لَهُم وَقيل أَنَّهَا قِرَاءَة أبي بن كَعْب وَهن أُمَّهَات فِي وجوب احترامهن وَبرهن وَتَحْرِيم نِكَاحهنَّ لَا فِي جَوَاز الْخلْوَة والمسافرة وَتَحْرِيم نِكَاح بناتهن وَكَذَا النّظر فِي الْأَصَح وَبِه جزم الرَّافِعِيّ وَمُقَابِله حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَهل يُقَال لأخوتهن أخوال الْمُسلمين ولأخواتهن خالات الْمُؤمنِينَ ولبناتهن أَخَوَات الْمُؤمنِينَ فِيهِ خلاف عِنْد الْعلمَاء وَالأَصَح الْمَنْع لعدم التَّوْقِيف وَوجه مُقَابِله أَنه مُقْتَضى ثُبُوت الأمومة وَهُوَ ظَاهر النَّص لكنه مؤول قَالُوا وَلَا يُقَال آباؤهن وأمهاتهن أجداد الْمُؤمنِينَ وجداتهم وَهل يُقَال فِيهِنَّ أُمَّهَات الْمُؤْمِنَات فِيهِ خلاف وَالأَصَح أَنه لَا يُقَال بِنَاء على الْأَصَح أَنَّهُنَّ لَا يدخلن فِي خطاب الرِّجَال وَعَن عَائِشَة رَضِي

الصفحة 38