كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

سائرون طريق الحج: أي أخ أمن على أخيه؟ فسكت القوم، فقالت عائشة: لمن حول هودجها هو موسى بن عمران، حين شفع في أخيه هارون. فأوحى إليه قال اللّه تعالى:
وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (53).
قال تعالى في سورة الشعراء: وإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (11) قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) ويَضِيقُ صَدْرِي ولا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (13) ولَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَاتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (17) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ولَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (19) ... تقدير الكلام: فأتياه، فقالا له ذلك، وبلغاه ما أرسلا به من دعوته إلى عبادة اللّه تعالى وحده لا شريك له، وأن يفك أسارى بني إسرائيل من قبضته وقهره وسطوته، وتركهم يعبدون ربهم حيث شاءوا، ويتفرغون لتوحيده ودعائه والتضرع لديه، فتكبر فرعون في نفسه، وعتا وطغى، ونظر إلى موسى بعين الازدراء والتنقص، قائلا له: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ولَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ أي أما أنت الذى ربيناه في منزلنا، وأحسنا إليه وأنعمنا عليه مدة من الدهر، وهذا يدل على أن فرعون الذى بعث إليه هو الذي فر منه، خلافا لما عند أهل الكتاب من أن فرعون الذى فر منه مات في مدة مقامه بمدين، وأن الذى بعث إليه فرعون آخر.
وقوله: وفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ أي وقتلت الرجل القبطي، وفررت منا، وجحدت نعمتنا قالَ فَعَلْتُها إِذاً وأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) أي قبل أن يوحى إلى وينزل على فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) ثم قال مجيبا لفرعون عما امتن به من التربية والإحسان إليه: وتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (22) أي وهذه النعمة التى ذكرت من أنك أحسنت إلى وأنا رجل واحد من بني إسرائيل، تقابل ما استخدمت هذا الشعب العظيم بكماله واستعبدتهم في أعمالك، وخدمك، وأشغالك قالَ فِرْعَوْنُ وما رَبُّ الْعالَمِينَ

الصفحة 100