كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)
وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً (21) (نوح: 21) .. وقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (26) (نوح: 26).
فأمره اللّه تعالى بصناعة السفينة، وكلما مر عليه نفر من قومه استهزءوا به، ولكنه توعدهم بأنهم سيندمون على هذا الأمر أي ندم:
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا ووَحْيِنا ولا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) ويَصْنَعُ الْفُلْكَ وكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (38) (هود). وأوحى له اللّه تعالى أن الماء سيغمر المكان وأن عليه أن يحمل أهله - إلا امرأته وابنه - وأصحابه ومن كل المخلوقات زوجين اثنين، فإذا استقر عليها حمد اللّه وشكره على فضله بنجاتهم من غضبه على القوم الكافرين:
فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا ووَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ولا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ ومَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) (المؤمنون).
وحصل الطوفان الهائل الذي غطى منطقة ما بين النهرين بأسرها وغرق القوم وهم يستنجدون بعد أن أيقنوا بصدق ما جاءهم به نوح عليه السلام ولكن بعد فوات الأوان. وقد أثبتت البحوث الآثارية والجيولوجية في المنطقة والتي قامت بها عدة فرق علمية استكشافية من مختلف دول العالم من أن الغرين والطمى في المنطقة يدلل من غير أي شك على حصول طوفان عظيم في الحقبة السومرية من تأريخ العراق القديم.
وبعد انتهاء الأمر جاء أمر اللّه تعالى بتوقف تدفق الماء من السماء ومن الأرض، فاستوت السفينة على جبل الجودي وهبط منها سيدنا نوح عليه السلام ومن معه لتبدأ البشرية رحلة جديدة وبنفس القانون الإلهي الذي لا يتغير، هذا ما نص عليه القرآن الكريم:
وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ويا سَماءُ أَقْلِعِي وغِيضَ الْماءُ وقُضِيَ الْأَمْرُ واسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود: 44) ... قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا