كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

تَشاءُ أي من شئت أضللته باختبارك إياه، ومن شئت هديته، لك الحكم والمشيئة، ولا مانع ولا راد لما حكمت وقضيت أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وارْحَمْنا وأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (155) * واكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ أي تبنا إليك ورجعنا وأنبنا، قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو العالية وإبراهيم التيمي والضحاك والسدي وقتادة وغير واحد وهو كذلك في اللغة قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أي أنا أعذب من شئت بما أشاء من الأمور التي أخلقها وأقدرها ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ كما ثبت في الصحيحين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال: (إن اللّه لما فرغ من خلق السماوات والأرض، كتب كتابا فهو موضوع عنده فوق العرش، إن رحمتي تغلب غضبي). فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ والَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ أي فسأوحيها حتما لمن يتصف بهذه الصفات الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ الآية، وهذا فيه تنويه بذكر محمد صلّى اللّه عليه وسلم وأمته من اللّه لموسى عليه السلام في جملة ما ناجاه به وأعلمه وأطلعه عليه، وقد تكلمنا على هذه الآية وما بعدها في التفسير بما فيه كفاية ومقنع، وللّه الحمد والمنة.
وقال قتادة: قال موسى: يا رب، إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة، رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها، وكان من قبلهم يقرءون كتابهم نظرا حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا، ولم يعرفوه وإن اللّه أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم، قال: رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فصول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ويؤجرون عليها، وكان من قبلهم إذا تصدق بصدقة،

الصفحة 155