كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

تختصمون ولا تأتون نبي اللّه؟ فجاء ابن أخيه، فشكى أمر عمه إلى رسول اللّه موسى عليه السلام، فقال موسى عليه السلام: أنشد اللّه رجلا عنده علم من أمر هذا القتيل إلا أعلمنا به، فلم يكن عند أحد منهم علم منه، وسألوه أن يسأل في هذه القضية ربه عز وجل، فسأل ربه عز وجل في ذلك، فأمره اللّه أن يأمرهم بذبح بقرة فقال: إِنَّ اللَّهَ يَامُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً يعنون نحن نسألك عن أمر هذا القتيل وأنت تقول هذا؟ قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ أي أعوذ باللّه أن أقول عنه غير ما أوحي إليّ، وهذا هو الذي أجابني حين سألته عما سألتموني عنه أن أسأله فيه.
قال ابن عباس وعبيدة ومجاهد وعكرمة والسدي وأبو العالية وغير واحد: فلو أنهم عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لحصل المقصود منها، ولكنهم شددوا فشدد عليهم. وقد ورد فيه حديث مرفوع وفي إسناده ضعف، فسألوا عن صفتها ثم عن لونها ثم عن سنها؟
فأجيبوا بما عز وجوده عليهم.
والمقصود: أنهم أمروا بذبح بقرة (عوان)، وهي الوسط النصف بين، (الفارض) وهي الكبيرة، (والبكر) وهي الصغيرة، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو العالية وعكرمة والحسن وقتادة وجماعة. ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم، فسألوا عن لونها؟ فأمروا ب صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها أي مشرب بحمرة تَسُرُّ النَّاظِرِينَ، وهذا اللون عزيز، ثم شددوا أيضا قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ففي الحديث المرفوع الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه: (لو لا أن بني إسرائيل استثنوا لما أعطوا) وفي صحته نظر، واللّه أعلم قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ ولا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وما كادُوا يَفْعَلُونَ وهذه الصفات أضيق مما تقدم، حيث أمروا بذبح بقرة (ليست بالذلول)، وهي المذللة بالحراثة، وسقي الأرض بالسانية، مسلمة وهي الصحيحة التي لا عيب فيها، قاله أبو العالية وقتادة. وقوله: لا شِيَةَ فِيها أي ليس فيها لون يخالف لونها بل هي مسلمة من العيوب ومن مخالطة سائر الألوان غير

الصفحة 157