كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

باق إلى الآن، وقيل: إنه من ولد بعض من آمن بإبراهيم وهاجر معه من أرض بابل، وقيل: اسمه ملكان، وقيل: أرميا بن خلقيا، وقيل: كان نبيّا في زمن سباسب بن لهراسب، قال ابن جرير: وقد كان بين أفريدون وبين سباسب دهور طويلة لا يجهلها أحد من أهل العلم بالأنساب، قال ابن جرير: والصحيح أنه كان في زمن أفريدون، واستمر حيا إلى أن أدركه موسى عليه السلام، وكانت نبوة موسى في زمن منوشهر، الذي هو من ولد أبرج بن أفريدون، أحد ملوك الفرس، وكان إليه الملك بعد جده أفريدون لعهده، وكان عادلا وهو أول من خندق الخنادق، وأول من جعل في كل قرية دهقانا، وكانت مدة ملكه قريبا من مائة وخمسين سنة، ويقال: إنه كان من سلالة إسحاق بن إبراهيم، وقد ذكر عنه من الخطب الحسان، والكلم البليغ النافع الفصيح، ما يبهر العقل ويحير السامع، وهذا يدل على أنه من سلالة الخليل، واللّه أعلم. وقد قال اللّه تعالى: وإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ولَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ الآية.
فأخذ اللّه ميثاق كل نبي على أن يؤمن بمن يجيء بعده من الأنبياء وينصره، واستلزم ذلك الإيمان وأخذ الميثاق لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم لأنه خاتم الأنبياء فحق على كل نبي أدركه أن يؤمن به وينصره فلو كان الخضر حيا في زمانه لما وسعه إلا اتباعه والاجتماع به والقيام بنصره، ولكان من جملة من تحت لوائه يوم بدر كما كان تحتها جبريل وسادات من الملائكة، وقصارى الخضر عليه السلام أن يكون نبيا، وهو الحق، أو رسولا، كما قيل، أو ملكا، فيما ذكر، وأيا ما كان: فجبريل رئيس الملائكة، وموسى أشرف من الخضر، ولو كان حيا لوجب عليه الإيمان بمحمد ونصرته، فكيف إن كان الخضر وليا كما يقوله طوائف كثيرون، فأولى أن يدخل في عموم البعثة وأحرى، ولم ينقل في حديث حسن، بل ولا ضعيف، يعتمد أنه جاء يوما واحدا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، ولا اجتمع به، وما ذكر من حديث التغرية فيه، وإن كان الحاكم قد رواه فإسناده ضعيف، واللّه أعلم.

الصفحة 165