كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 1)

هذا، فإني لم أحب شيئا حبه قط، قالت أم موسى: لا أستطيع أن أترك بيتي وولدي فيضيع، فإن طابت نفسك أن تعطينيه، فأذهب به إلى بيتي، فيكون معى، لا آلوه خيرا، فعلت، فإني غير تاركة بيتي وولدي، وذكرت أم موسى ما كان اللّه وعدها، فتعاسرت على امرأة فرعون، وأيقنت أن اللّه منجز موعوده، فرجعت إلى بيتها من يومها، وأنبته اللّه نباتا حسنا، وحفظ لما قد قضى فيه، فلم يزل بنو إسرائيل وهم في ناحية القرية ممتنعين من السخرة والظلم ما كان فيهم، فلما ترعرع، قالت امرأة فرعون لأم موسى: أريني ابني، فوعدتها يوما تريها إياه فيه، وقالت امرأة فرعون لخازنها وظئورها وقهارمتها: لا يبقين أحد منكم إلا استقبل ابني اليوم بهدية وكرامة، لأرى ذلك فيه، وأنا باعثة أمينا يحصي كل ما يصنع كل إنسان منكم، فلم تزل الهدايا والكرامة والنحل تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل على امرأة فرعون، فلما دخل عليها نحلته وأكرمته، فرحت به، ونحلت أمه بحسن أثرها عليه، ثم قالت: لآتين به فرعون فلينحلنه وليكرمنه، فلما دخلت به عليه، جعله في حجره، فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض، فقال الغواة من أعداء اللّه لفرعون: أ لا ترى ما وعد اللّه إبراهيم نبيه أنه زعم أنه يرثك ويعلوك ويصرعك؟ فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه، وذلك من الفتون يا ابن جبير بعد كل بلاء ابتلى به وأريد به، فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون، فقالت: ما بدا لك في هذا الغلام الذي وهبته لي؟ فقال: أ لا ترينه يزعم أنه يصرعني ويعلوني؟ فقالت: اجعل بيني وبينك أمرا تعرف فيه الحق، ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه، فإن بطش باللؤلؤتين واجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقل، وإن تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين، علمت أن أحدا لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل، فقرب إليه، فتناول الجمرتين، فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا يده، فقالت المرأة: أ لا ترى؟ فصرفه اللّه عنه بعد ما كان هم به، وكان اللّه بالغا فيه أمره، فلما بلغ أشده وكان من الرجال، لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم ولا سخرة، حتى امتنعوا كل الامتناع، فبينما موسى عليه السلام يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان، أحدهما فرعوني، والآخر إسرائيلي،

الصفحة 168